جدة – البلاد
طموح الأهداف والشفافية وكفاءة الأداء ركائز قوية شديدة الوضوح والحضور في السياسة الاقتصادية للمملكة، وخطط وزارة المالية وحقائق بياناتها الدورية، وحتى في هوامش توقعاتها في ظل المتغيرات والتحديات الاقتصادية العالمية، ولطالما أثبت الواقع موثوقيتها واتزان وموضوعية تقديراتها من واقع الخبرة العريقة والمسؤولية الدقيقة، لدرجة اضطرت معها المؤسسات المالية الدولية مرارا، إلى إعادة تصويب توقعاتها بشأن آفاق النمو للاقتصادي السعودي.
اهتمام المؤسسات الدولية
قبل أيام سارعت المؤسسات الدولية إلى إعادة رفع توقعاتها لأداء الاقتصاد السعودي في ظل التعافي القوي من تداعيات جائحة كورونا ونجاح الحكومة في ضبط الميزانية العامة ضمن برامج “رؤية 2030” وزيادة نمو القطاعات غير النفطية ، مع ارتفاع أسعار البترول في الأسواق العالمية. فقد رفع صندوق النقد الدولي في أحدث تقرير له ، توقعاته لنمو اقتصاد المملكة إلى 7.6% العام الحالي بزيادة 2.8% عن توقعاته السابقة التي أعلنها خلال شهر يناير الماضي ، أي بعد ثلاثة أشهر ، في الوقت نفسه خفض الصندوق توقعاته للنمو بالشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى 4.6% ، مقارنة بنسبة 4.3% في توقعاته السابقة.
أيضا سبق ذلك بفترة وجيزة ، أن رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي خلال العام الجاري إلى 7 %، مقارنة بـ4.9 % في توقعاته المعلنة بداية العام الحالي ، ضمن تخفيضه لسقف توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي من 4.1 % إلى 3.2 %.
بهذه الأرقام تسجل المملكة الترتيب الأعلى نمواً نقطياً بين دول مجموعة العشرين ، وأعلى نمو في الاقتصاد الوطني منذ نحو عشر سنوات.
تصنيف إيجابي
وفي الوقت الذي سجل فيه الصندوق والبنك الدوليان متغيرات النمو القوي للاقتصاد السعودي ، حرصت وكالات التصنيف الائتماني على مواكبة هذا التطور بتحسن التصنيف ، حيث أعلنت وكالة “فيتش” في تقريرها الائتماني الأخير للمملكة العربية السعودية تصنيفها عند “A” مع تعديل النظرة المستقبلية من “مستقرة” إلى “إيجابية”، مقارنة بتقريرها الذي نشرته في شهر يوليو 2021م.
لكن ماهي مسوغات هذا التحسن في التصنيف من جانب الوكالة ؟ وماذا يعكس من حقائق وأرقام عن أداء الاقتصاد الوطني وآفاق النمو في المدى الحاضر والمنظور؟
الإجابة جاءت من الوكالة نفسها دامغة موثوقية التصنيف بحقائق قوية، إذ أوضحت في تقريرها أن تأكيد تصنيفها للمملكة وتعديل نظرتها المستقبلية إلى “إيجابية”، جاء نتيجة العوال التالية:
– التزام المملكة بتعزيز حوكمة المالية العامة.
-استمرارها بالإصلاحات الهيكلية.
– تطبيقها العديد من خطط تنويع الاقتصاد.
– ارتفاع إيراداتها النفطية نتيجة تحسن الأسعار، ونمو القطاعات غير النفطية.
في السياق ومع نهاية مارس الماضي، رفعت وكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني، النظرة المستقبلية للمملكة إلى “إيجابية بدلا من مستقرة”.
أمان مالي كبير
على ضوء ذلك واستخلاصا لدلالات تحسن التصنيف الائتماني، جاء تأكيد الوكالات على التالي:
– المملكة ستحتفظ بهوامش أمان مالية كبيرة، بما في ذلك الودائع في البنك المركزي التي تزيد عن 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
– توقعت “فيتش” أن تسجل السعودية فوائض في الميزانية الحالية (2022-2023) لأول مرة منذ 2013، بما يعادل 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي.
هكذا وكما يؤكد خبراء الاقتصاد، تأتي توقعات المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، وتقارير وكالات التصنيف العالمية الأخيرة، لتبرهن على سلامة الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الحكومة، في تسريع إجراءات التعافي والانتعاش الاقتصادي القوي، واستمرار تنفيذ مستهدفات التنمية والمشروعات الكبرى، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتنويع الاقتصاد.
وفي هذا الفضاء الطموح للنمو، تتعاظم خطط صندوق الاستثمارات العامة في تعزيز الاقتصاد المزدهر، وإطلاق استثمارات القطاع الخاص وبنك أهداف الاستثمارات المحلية والأجنبية، عبر كل محاور الاقتصاد الوطني، لتبلغ 5 تريليونات ريال بحلول عام 2030، وإضافة ما يصل إلى تريليوني ريال للناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025، وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة، وتسريع الخطط الاستثمارية للشركات الكبرى؛ حيث بدأ دوران العجلة بوتيرة تفوق كل التوقعات في سبيل تحقيق تلك المستهدفات.
أيضا سبق أن توقعت “جدوى للاستثمار” في تقرير لها، أن يتقدم اقتصاد المملكة خلال العام الحالي 2022 ، بفضل استمرار تنفيذ رؤية المملكة 2030، مؤكدة أن عام 2022 يمثل مرحلة حاسمة في جهود المملكة نحو تنويع قاعدة اقتصادها غير النفطي، التي ستسترشد بمجموعة من الالتزامات لمدة 5 سنوات حتى عام 2025، التي تم الكشف عنها مؤخرًا، في إطار البرامج المختلفة لتحقيق الرؤية.