جنيف – البلاد
كشفت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف أن حالة حقوق الإنسان في إيران لا تزال مقلقة للغاية، مبينة أن السلطات تنتهك هذه الحقوق، حاثة طهران على الدخول في “حوار جوهري” مع مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران، بعد تجديد ولايته، بينما دعت منظمة العفو الدولية و14 منظمة أخرى لحقوق الإنسان، في رسالة قبل أيام، أعضاء مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى تمديد مهمة جاويد رحمان، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران، ومحاسبة النظام الإيراني على انتهاكات حقوق الإنسان بشكل كبير.
وأعرب الموقعون على الرسالة، وفقا لـ”إيران إنترناشونال”، عن قلقهم إزاء الوضع السيئ لحقوق الإنسان في إيران، مشيرين إلى التقرير الأخير الذي أعده جاويد رحمان في اجتماع جنيف الأخير، بما في ذلك زيادة عدد الإعدامات في إيران، والقمع العنيف للمتظاهرين والأقليات. في وقت لفتت 37 منظمة حقوقية نشطة في إيران، في رسالة أخرى، إلى الأبعاد المختلفة لانتهاكات حقوق الإنسان في إيران، مطالبة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتمديد ولاية جاويد رحمان. وفي إشارة إلى “الانتهاك الواسع والمنهجي لحقوق الإنسان” في إيران، أكد الموقعون على هذه الرسالة أنه “في مثل هذه الظروف، يعد تمديد المقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران للمراقبة والتوثيق وتقديم التقارير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمراً حيوياً أكثر من أي وقت مضى”.
ومع استمرار القمع ضد الشعب الثائر تجاه سياسات الملالي، كشف استطلاع رأي حديث أن أكثر من نصف الإيرانيين يؤدون تنفيذ عصيان مدني، وذلك لإحداث تغيير سياسي في البلاد، ضمن إجراءات أخرى كالإضراب العام وحملات الاحتجاج على مواقع التواصل. ووافق 65 % من المستطلعة آراؤهم على تنفيذ إضرابات عامة، و65 % على إجراء حملات احتجاجية على شبكات التواصل الاجتماعي، و52 % على استخدام أساليب العصيان المدني، بالإضافة إلى أن نحو 50 % أيدوا الاحتجاجات في الشوارع، وحوالي 19 % أيدوا الكفاح المسلح، بحسب استطلاع أجرته مؤخرا مؤسسة “غُمان” المسجلة في هولندا، كما وافق نحو 88 % من الإيرانيين على إقامة “نظام سياسي شعبي وديمقراطي” فيما عارض 67 % النظام المتسلط. أما فيما يخص صلاحيات أعلى مسؤول في البلاد، فإن 72 % رفضوا تمتعه بالسلطة الدينية المتسلطة والمسخرة لمصلحة النظام.
وفي سياق آخر، يبدو أن المفاوضات النووية التي استمرت لما يقارب العام في فيينا بين الغرب وطهران ستبقى مجمدة إلى حين، بعد فشل الوساطات الأوروبية في التوصل إلى توافق حول عقبة الحرس الثوري، المصنف على لائحة الإرهاب من قبل الولايات المتحدة. فقد أكد مسؤول أميركي رفيع مطلع أن الجولات المكوكية التي قام بها المشاركون الأوروبيون، والزيارات التي أجروها من واشنطن إلى طهران والعكس، لم تفض حتى الساعة إلى أي تسوية أو تنازلات، مقبولة من الطرفين، بحسب ما نقلت صحيفة واشنطن بوست. كما أضاف أن احتمال تقديم واشنطن موقفا أكثر ليونة لجهة رفع الحرس الثوري عن لائحة المنظمات الإرهابية أم لا، متروك للرئيس جو بايدن، إلا أن الأخير لم يحسم قراره بعد. وشدد على أن “تلك المسألة صعبة من الناحية السياسية جدا ومكلفة”، لاسيما وسط معارضة الكونغرس.
وكانت مسألة الحرس الثوري تلك طفت إلى السطح مؤخرا، بعدما وصلت المفاوضات النووية التي انطلقت في أبريل الماضي (2021) في العاصمة النمساوية، إلى مراحلها الأخيرة، قبل إعادة إحياء الاتفاق الذي وقع عام 2015 بين طهران والغرب، وانسحبت منه الإدارة الأميركية عام 2018، معيدة فرض العديد من العقوبات على السلطات الإيرانية ومؤسسات الحرس الثوري أيضا. وقد دفع هذا الملف العديد من المسؤولين الأوروبيين إلى التعبير عن قلقهم، وسط تنامي المخاوف من أن تذهب جهود عام من الجلسات الطويلة سدى.
يذكر أن النفوذ السياسي للحرس تزايد خلال الفترة الماضية في هيكل السلطة المعقد في إيران لاسيما منذ انتخاب إبراهيم رئيسي، الذي تولى منصبه في أغسطس الماضي، والذي تضم حكومته العشرات من قادة الحرس، كما يدير هذا الفصيل العسكري القوي في البلاد إمبراطورية أعمال اقتصادية، بالإضافة إلى قوات مسلحة واستخباراتية، تدعم ميليشيات عدة خارج البلاد، سواء في سوريا أو لبنان أو العراق، وصولاً إلى اليمن.