انقرة ــ وكالات
عندما يصبح الموت أمنية للهروب من الانتهاكات فتأكد ان الانباء تأخذك صوب تركيا، اذ منذ صيف العام 2016، دأبت الحكومة التركية على اعتقال عشرات الآلاف عبر حملات لم تراع قدرة سجونها على استيعاب هذا الكم الهائل من النزلاء الجدد، أو ظروفهم الطبية الخاصة، الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع في أعداد الوفيات داخل مراكز الاحتجاز. وكانت السلطات التركية قد شنت حملة شعواء ضد معارضيها، منذ الانقلاب الفاشل وقامت بعزل أكثر من 150 ألف شخص من وظائفهم ومناصبهم، في حين سجن ما يربو على 50 ألف شخص، وتم التحقيق مع 600 ألف آخرين في تهم مرتبطة بالإرهاب.
وفي أحدث حالة وفاة سجلت داخل السجون التركية، فارق المدرس المفصول عن عمله مظفر أوزينجز الحياة بأحد معتقلات مقاطعة “تشوريم”، بعد إصابته بأزمة قلبية، علما أنه أمضى آخر 14 شهرا من فترة سجنه في حبس انفرادي. وقال موقع “مركز ستوكهولم للحريات” نقلا عن أقارب أوزينجز، أنه كان يعاني ارتفاعا في ضغط الدم والسكري.
وغرد الناشط في مجال حقوق الإنسان نائب حزب الشعوب الديمقراطي عمر فاروق جيرغيريو أوغلو، على حسابه في “تويتر”، تعليقا على وفاة أوزينجز، أن تحليل أوزينجز الطبي بتاريخ 10 أبريل، كان “مقلقا”، لدرجة أنه كان يجب أن يبقى المستشفى، إلا أنه أعيد إلى الحبس الانفرادي بدلا من ذلك. وكعادتها في محاربة المعارضين، اتهمت السلطات التركية أوزينجز، بالانتماء إلى حركة فتح الله غولن، الذي تتهمه حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بالوقوف وراء الانقلاب، وحكم عليه بالسجن 12 عاما و6 شهور. وحذرت منظمات مدنية من الأوضاع الصحية المتدهورة للسجناء في بعض السجون التركية المكتظة بالنزلاء، لا سيما خلال العامين الماضيين، في أعقاب بدء الحملات الأمنية.
ومنذ صيف 2016 لقي عدد كبير من السجناء مصرعهم في “ظروف غامضة”، بعد تعرضهم لسوء المعاملة أو من جراء عمليات تعذيب وحشية ارتكبت في حقهم. وسلط “مركز ستوكهولم للحريات” في إحدى تقاريره الذي حمل عنوان “حالات وفاة مريبة وانتحار في تركيا”، الضوء على تنامي أعداد الوفيات الغامضة في السجون ومراكز الاحتجاز التركية، بسبب التعذيب.
وصنفت الجهات المعنية تلك الحالات على أنها “انتحار”، دون أن تتكلف عناء إجراء تحقيقات مستقلة في تلك الحالات. ولم تقتصر حالات الوفاة المشبوهة بالموت داخل السجون، وإنما ضمت أيضا حالات سجلت خارج أسوارها بسبب الضغوط النفسية والتهديدات التي مورست بحق المعارضين قبل اعتقالهم أو عقب الإفراج عنهم.
