جمعتني المصادفة بصديق عزيز ، وكما يقال “رُبّ صدفة خير من ألف ميعاد” بعد طول غياب لمشاغل الحياة وما فعلته فترة الجائحة في عاداتنا الاجتماعية.
خلال لقائي بصديقي رجل الأعمال ، تجاذبنا الخواطر الحياتية والذكريات ، وقادنا الحديث إلى الفوترة الالكترونية ونظام مكافحة التستر ، وقد لاحظت سعادة على محياه ، وبادرني بقوله ” الحمد لله على توفيقه للقائمين على هذه الخطوة ، فقد كنا نشترى ونبيع وتدخل السلع في المستودع ، لكن قد يسقط بعضها من حسابات العمل ، إما لسوء التسجيل أو أنك لم توفق بعامل يخاف الله ، يضع بعض المبيعات فى جيبه، والآن ومع تطبيق الفوترة الاليكترونية أصبحت حركة الشراء والبيع بين ناظريك.
أيضا ، والكلام لصديقي ، أصبح المواطن السعودي يقود السوق ويديره بعد أن كان محاربا أو غائبا عن اقتصاديات هذا القطاع المهم ، بسبب التستر التجاري الذي كان سائدا في أنشطة واسعة أو ما يعرف باقتصاد الظل أو الاقتصاد الخفي وكعكة تحويلاته الضخمة بعشرات المليارات إلى الخارج لحساب وافدين متستر عليهم ، فيما الفتات للمواطن مقابل استغلال غير مشروع لاسمه وسجله التجاري، ناهيك عن الغش التجاري على طريقة ” ما سهل بيعه وكثر ربحه” ، وكان هذا حال ألاعيب التستر التي شوهت السوق وظلمت المستهلك وأضرت بالاقتصاد كثيرا، وتصدت له أجهزة الدولة والتشريعات بكل حزم.
نعم فوائد الفوترة الالكترونية كثيرة استهدفتها هيئة الزكاة والضريبة والجمارك ، أهمها كشف ومحاصرة التستر التجاري ودهاليز الاقتصاد الخفي، وتعزيز أجواء المنافسة العادلة وحماية المستهلك من خلال توفير آلية موحدة لتوثيق وتدقيق الفواتير، وهي للمستهلك تجربة جيدة ورقمنة المعاملات التجارية للسلع والخدمات ، وزيادة نسبة الامتثال بالالتزامات الضريبية حفظا لحقوق الاقتصاد العام وتدوير الأموال داخل بلادنا وليس تجفيفها بخفافيش التستر التجاري والتهرب الضريبي.
المهم أيضا وعلى المدى القريب، ستشكل البيانات الالكترونية الضخمة للتعاملات التجارية بيعا وشراء ، قاعدة أساسية لذكاء الأعمال والذكاء الاصطناعي لتسهم في معرفة تفاصيل وبيانات الأسواق وتصنيف احتياجاتها وتوجهاتها ، حتى للمنشآت خصوصا الصغيرة والمتوسطة، ولهذا فإن وفرة البيانات عبر الفوترة الالكترونية وتحليلها هي قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد الرقمي الواعد والمستدام.