موسكو – البلاد
بينما أعلنت فرنسا عن قمة أمريكية – روسية لنزع فتيل الأزمة بين الغرب وروسيا حول أوكرانيا وخطر الغزو الروسي، اعتبر الكرملين أمس (الاثنين)، أنه من السابق لأوانه الحديث عن قمة بين الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن، في وقت أظهرت صور ملتقطة بالأقمار الصناعية عمليات انتشار جديدة لقوات روسية ومعدات عسكرية على الحدود الأوكرانية.
وأعلن الرئيسان الأمريكي والفرنسي، أمس، أن بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اتفقا من حيث المبدأ على عقد قمة بشأن أوكرانيا، مما يوفر طريقا محتملا للخروج من واحدة من أخطر الأزمات الأوروبية منذ عشرات السنين. ورحب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، بتنظيم قمة بين الرئيسين الأمريكي والروسي في بروكسل، معرباً عن أمله بالتوصل إلى اتفاق حول انسحاب القوات الروسية المحتشدة عند حدود بلاده.
وبدوره، أكد البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي بايدن وافق من حيث المبدأ على لقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين بناءً على مقترح نظيريهما الفرنسي إيمانويل ماكرون، شريطة ألا تُقدِم روسيا على غزو أوكرانيا. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في بيان، إن الولايات المتحدة “ملتزمة بمتابعة الدبلوماسية حتى اللحظة التي يبدأ فيها أي غزو”، مضيفة “الرئيس بايدن وافق من حيث المبدأ على لقاء مع الرئيس بوتين إن لم يحدث غزو”. وتابعت “نحن مستعدون أيضا لفرض عواقب سريعة وشديدة إذا اختارت روسيا الحرب بدلا من ذلك. وفي الوقت الحالي، يبدو أن روسيا تواصل الاستعدادات لهجوم واسع النطاق على أوكرانيا قريبا جدا”. ويأتي ذلك في إطار سلسلة محادثات بين رؤساء الدول في محاولة لتجنب نشوب نزاع مسلح في شرق أوكرانيا. وأظهرت صور الأقمار الصناعية، عمليات انتشار ميدانية متعددة جديدة لمعدات مدرعة وقوات تخرج من مواقع عسكرية موجودة في غابات وحقول على بعد نحو 14 إلى 30 كيلومترا من الحدود الروسية الأوكرانية، على ما قالت شركة “ماكسار” لصور الأقمار الصناعية الأمريكية في رسالة بالبريد الإلكتروني. وتبيّن هذه الصور الجديدة، التي التقطت الأحد على ما يبدو، مسار مركبات تعبر حقولا مغطاة بالثلوج وتحيطها غابات وطرق، ويمكن أيضا رؤية مبان عدة. ويشير تحليل الصور التي التقطت مؤخرا إلى تحركات لقوات ومعدات قرب ثلاثة مواقع في جنوب غرب روسيا، وفقا للشركة التي تتخذ من كولورادو مقرا. وأعلن مسؤول في البنتاغون، في وقت سابق، أن أكثر من 40 % من القوات الروسية المحتشدة على حدود أوكرانيا اتخذت وضعية هجومية، مشيرا إلى أن مرحلة زعزعة الاستقرار التي تقودها روسيا في هذا البلد “بدأت”. وقال المسؤول إن الولايات المتحدة رصدت منذ الأربعاء، تحركات لقوات روسية باتجاه الحدود الأوكرانية. وتحذر واشنطن منذ أسابيع من أن روسيا ستختلق حادثا ما على الحدود الأوكرانية لتبرير غزو جارتها، وهو ما تنفيه موسكو. وكرر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، التأكيد أن كل شيء يشير إلى أن روسيا “توشك على” غزو أوكرانيا.
ورافق الصراع المستمر منذ 8 سنوات في شرق أوكرانيا بين الانفصاليين المدعومين من روسيا والقوات الأوكرانية، معركة تضليل إعلامي شرسة بين موسكو وكييف، تحاول كل جهة من خلالها توريط الطرف الآخر في جرائم خطرة. لكن حجم هذه المعركة ونطاقها وصلا إلى مستويات قياسية فيما تحتشد القوات الروسية عند حدود أوكرانيا ويحذر الغرب من غزو وشيك. وتزداد أهميتها مع مخاوف من أن يستخدم الكرملين هجوما مفتعلا ذريعة لتنفيذ غزوه الذي يخشاه الغرب. وساهم تطور التكنولوجيا والأدوات المتاحة في العقد الماضي في كشف زيف عدد من التقارير التي كان يمكن أن تمر على أنها صادقة وأصيلة.
من جهتها أفادت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية نقلا عن تقارير استخباراتية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيتخذ بيلاروسيا مركزا رئيسا في حال غزو أوكرانيا. وقالت إن بيلاروسيا تدرس السماح لروسيا بنشر صواريخ نووية على أراضيها. هذا ومددت روسيا التدريبات العسكرية بالقرب من الحدود الشمالية لأوكرانيا، وسط مخاوف متزايدة من أن يؤدي يومان من القصف المستمر على طول خط التماس بين الجيش الأوكراني من ناحية، وبين الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا إلى غزو، نقلا عن “أسوشيتد برس”. وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، إنه يتوقع “بقاء القوات الروسية في بيلاروسيا عقب المناورات المشتركة”.
في السياق ذاته، حذر زعماء غربيون من استعداد روسيا لمهاجمة جارتها المحاصرة من ثلاث جهات بنحو 150 ألف جندي وطائرات حربية ومعدات روسية. وقد أجرت روسيا تدريبات نووية، إلى جانب مناورات تقليدية في بيلاروسيا، وتجري مناورات بحرية قبالة سواحل البحر الأسود. وقالت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية قبل شهور أن روسيا تحاول خلق ذرائع للغزو. وهدد الغرب بفرض عقوبات كبيرة وفورية على موسكو حال غزو أوكرانيا.
فيما عبرت وزيرة الخارجية السويدية آنا ليند أمس، عن الاستعداد لفرض عقوبات على روسيا إذا شنت “عدوانا” جديدا على أوكرانيا. وقالت الوزيرة عبر حسابها على تويتر إن الاتحاد الأوروبي “يقف صفا واحدا ويؤكد على دعمه الثابت لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها”. وأضافت “نعمل على زيادة الدعم لأوكرانيا، بينما نقف على أهبة الاستعداد لفرض عقوبات في حال شن عدوان روسي آخر”، بينما قال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الأمن والسياسة الخارجية جوزيب بوريل، أمس، إن الاتحاد يبذل كل جهوده لمنع نشوب حرب وحل الأزمة الأوكرانية دبلوماسيا، مضيفاً: “نقدم إلى أوكرانيا الضمانات الكافية حول وقوفنا إلي جانبها إذا تعرضت لاعتداء روسي”.