جدة – البلاد
قذفت كندا بشعاراتها الزائفة خلف ظهرها، ونكصت عن عهدها بمنح حرية التعبير للمواطنين، عندما قمعت المتظاهرين السلميين بأبشع الطرق في العاصمة أوتاوا لتكشف وجهها الحقيقي أمام العالم، ليتعرف الجميع على سوء معاملتها لمواطنيها، بالرغم من أنها تزعم أنها بلد الحريات من أجل النفاق السياسي، وتدعي أنها تهتم بحقوق الإنسان في الوقت الذي لم توفر الحماية الجيدة لمواطنيها من فيروس كوورنا المستجد على عكس دولاً أخرى اهتمت بمواطنيها على أعلى مستوى في مقدمتها المملكة التي وفرت اللقاحات وسمحت بالعلاج المجاني دون تمييز بين مواطن ومقيم.
ومارست الشرطة الكندية المأمورة من قبل رئيس الوزراء أبشع أنواع التنكيل والقمع بحق المواطنين الكنديين لمجرد تعبيرهم عن آرائهم، في مشهد ينسف شعارات الحرية والديمقراطية الزائفة، إذ فضت الجهات الأمنية تظاهرة سلمية لسائقي الشاحنات المعارضين لسياسة الحكومة، واعتقلت 190 متظاهراً بعد رشهم برذاذ الفلفل الحار وإزالة متاريس التي احتمى بها بعضهم، لتظهر هذه الممارسات العنيفة أن نصوص الدستور الكندي ليست إلا حبرًا على ورق وأن شعارات الديمقراطية تسقط أمام أول اختبار حقيقي، وأن التشدق بالحرية ليست سوى كذبة وورقة للتكسب السياسي الخارجي فقط، لمهاجمة الدول الأخرى التي لا تتماشى مع سياساتها، فيما بلغ الإرهاب الذي تواصله حكومة رئيس الوزراء جوستن ترودو على المواطنين الكنديين مستوى خطير جدًا بعد أن أعلنت السلطات أنها ستُلاحق كافة المواطنين المشاركين في التعبير عن آرائهم، وهو ما يعكس ضيق أفق النظام السياسي الكندي. واعتادت كندا على تصدير نفسها كحمامية للحريات والديمقراطيات خلال الأعوام الماضية، غير أن عسكرة الميادين والشوارع وقمع المواطنين الأبرياء وضربهم وإرهابهم عكس العقلية القمعية لرئيس الوزراء جوستن ترودو، الذي انتقده عضو في البرلمان الأوروبي أمس (الاثنين) لقمعه المتظاهرين المناهضين للقاحات في العاصمة أوتاوا. وقال النائب كريستيان تيرهي من رومانيا خلال خطاب ألقاه أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل: “رئيس وزراء كندا، بالطريقة التي يتصرف بها الآن مثل طاغية أو ديكتاتور. إنه مثل تشوشيسكو في رومانيا”. وتابع “إذا أثرت شكوكًا حول اللقاحات فأنت منبوذ. ما الفرق بين ما يفعله الناس وما حدث في ظل محاكم التفتيش؟”.
وقال تيرهيس إنه يقدم الدعم لسائقي الشاحنات المشاركين سلميا في قافلة الحرية في كندا. وتابع “آمل أن تنتشر هذه الحركة من أجل الحرية ومن أجل الحقوق في جميع أنحاء العالم، لأنه في نهاية المطاف، علينا أن نتأكد من أن هؤلاء المسؤولين المنتخبين يفهمون أنه قد تم انتخابهم في تلك المناصب من أجل الشعب ولا يجب أن يتصرفوا مثل سادة على الشعب”. وجذبت الاحتجاجات في أوتاوا الانتباه في جميع أنحاء العالم. وأظهر العديد من الجمهوريين الأمريكيين دعمهم لقافلة الحرية، وقالت النائبة الجمهورية إيفيت هيريل، إنها ستقدم تشريعًا لمنح اللجوء المؤقت لأولئك المشاركين في احتجاجات أوتاوا.
وكشف إعلان السلطات الكندية لحالة الطوارئ في أوتاوا بما في ذلك تجميد الحسابات البنكية تحت ذريعة رقابة تمويل الإرهاب، بكل وضوح التصعيد الخطير ضد المواطنين الكنديين المدنيين العُزّل، وفقدان سيطرة الحكومة على الأوضاع لدرجة اتخاذها إجراءات غير مسبوقة ضد الشارع الكندي. وبالرغم من أن كندا أكثر من كانت تنادي أي دولة تشهد موجة اضطرابات بضرورة ضبط النفس، ها هي اليوم تكشف عن وجهها الحقيقي أمام المطالبات العادلة للمواطنين الكنديين، مُسقطة بذلك آخر ورقات التوت عن سوءة نظامها السياسي غير المتحضر، إذ تجاوزت حكومة جوستن ترودو في ردود أفعالها تجاه المواطنين الكنديين حدًا غير مسبوق؛ من خلال حث البنوك والمؤسسات المالية على تجميد حسابات داعمي الحقوق المدنية بمجرد الاشتباه، يوضح المدى البعيد الذي ذهبت إليه السلطات الكندية في انتهاكها حقوق الإنسان الكندي.
ويعتبر ما يحدث من قبل الحكومة الكندية حاليا تجاه المواطنين خطير للغاية، ويوضح بجلاء أنه ليست سوى نموذج مصغر للعقلية الغربية التي تتداعى كل مبادئ الحرية والديمقراطية وشعارات حقوق الإنسان حينما يتعلق الأمر بأمنها القومي.