كانت دراسة ومناقشة وتقييم الحملات الاعلانية للخطوط السعودية ..تأخذ نصيبا كبيرا من وقت التنفيذيين ومديرها العام .. اذكر انه في احدى السنين قدمت لنا احدى شركات الاعلان المتنافسة على حملة اعلانية شعارها .. احنا والقمر جيران .. وكانت مبرراتهم كي نوافق على الحملة وشعارها .. هو انها تحاكي رومانسية صوت فيروز وهي تغني اغنيتها الشهيرة.. إحنا والقمر جيران .. وربطوا بين تحليق طائراتنا في الجو وقربها من القمر ..
الا ان الفكرة رفضت من قبل معظم التنفيذيين لانها لا تتواءم مع الزمان والمكان والمناخ العام للمجتمع ..وجمهور المتعاملين مع الخطوط وفق معطيات القرن الماضي.
تذكرت هذه الحادثة ..وانا اشاهد تداول وسائط التواصل الاجتماعي مقطعا لفيديو اعلاني لشركة طيران اديل السعودية ..وهي تقدم درجة سفر جديدة اقل من اقتصادية تقع مقاعدها بين حاويات العفش اسفل الطائرة ويعامل الراكب فيها كما تعامل قطع العفش ..؟!
هذا الاعلان اثار دهشة شديدة واخذ نصيبا كبيرا من التداول والتندر والنقاش والجدل لكل من شاهد الاعلان .. بل ذهب تاثير الاعلان الى ابعد من ذلك ..حيث جعل المجتمع ينقسم بين مؤيد وآخر رافض للفكرة .. حتى اقرب الناس الى حقل الطيران وخبراء الاعلان وجمهور المتعاملين مع الشركة .. وخصوصا بعد ان كشفت الشركة عن هدفها من الاعلان ..وهو احداث صدمة رأي وتشويق واثارة الجدل عن الشركة . انها فكرة ابداعية تبنتها الشركة المعلنة ( أديل) .
وبنظرة سريعة على مفهوم الاعلان ..نجد انه احد وسائل و اساليب التواصل بين الشركة وعملائها المستهدفين والمهتمين بمنتجاتها وخدماتها ..بغرض ايصال معلومات ترويجية وتثقيفية لهم عن الخدمة او المنتج المراد بيعه ..وتحفيزهم على اتمام صفقة البيع.
فالاعلان يعتبر احد وسائل التسويق التكتيكي لعمليات البيع ..وله طرقه ووسائطه المتعددة لايصال الرسالة الاعلانية او البيعية.
ومن خصائص الاعلان انه يقدم معلومات تثير التشويق والتحفيز والابهار لتقديم المنتجات والخدمات لفئة العملاء المستهدفين. على ان يراعي تصميم الاعلان قيم المجتمع وثقافته ومدى قبوله لفكرة واسلوب وطريقة الاعلان.
الا انه خلال الثلاثة عقود الاخيرة من القرن الماضي .. انتهجت شركات الاعلان نماذج واساليب غريبة ومبتكرة وغير تقليدية في تصميم اعلاناتها ..بحيث تثير الدهشة وتطرح التساؤلات عن المنتج ولكن من خلال رسالة اعلانية صادمة ..وهذا امر مقبول ومشروع في صناعة الاعلان شريطة ان تكون عوامل الزمان والمكان والمجتمع بيئة حاضنة لافكار شديدة التاثير على المتلقي .. وهذا تماما ما فعلته رسالة اديل الاعلانية حيث اثارت الدهشة العظيمة في نفوس وعقول ووعي جمهور المسافرين وغيرهم من افراد المجتمع .. وجعلت اسم الشركة متداولا في سوق السفر.
ان ما فعلته شركة اديل باعلانها هذا .. يتفق والسياق الاستراتيجي الذي انتهجته منذ انشائها ..وهو تقديم نموذج لتحول الزمان والمكان والمناخ .. حيث ارتدت حلة انيقة بشعارها والوانها وازيائها التي تعبر عن العصر الذي تعمل فيه .
واخيرا يبقي امر مهم .. يجب على شركة الاعلان القيام بدراسة قياس الاثر الذي تركه الاعلان وهل حقق اهدافه المرجوة وكيف انعكس ذلك علي الارقام المالية لشركة اديل.
تحياتي لاديل ..ولمن يمتطي صهوة التحول .