شهدت الريــاض نهاية الأسبوع الماضي مؤتمراً ملفتاً في عنوانه، ثري في موضوعه، متميز في مكان عقده.. مؤتمر عَدَهُ البعض حدثاً ثقافياً غير عادي تشهده المملكة.. “مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2021”.. احتضنته مكتبة الملك فهد الوطنية.. وشهد حوارات ونقاشات فلسفية شارك فيها فلاسفة ومثقفون من داخل المملكة وخارجها، كما عقدت في ثناياه ورشُ عملٍ شكلتْ إضافةً لمن شاركوا فيها من الشباب والشابات.. مؤتمر الفلسفة حدث ثقافي فريد، شكّل إضافة جميلة في المشهد الثقافي لعاصمة الوطن، غير إن ما عكّر المزاج بعض المداخلات مثل تلكم الفتاة التي اتهمت اللغة العربية بالقصور.. وفي مداخلة لها ذكرت فيها أنها للتو عادت من الدراسة خارج الوطن، وجاء فيها: متى تتطور اللغة العربية؟ متى تساير العصر؟ لماذا اللغة العربية مازالت كما هي؟ فيا قوم عليكم أن تبحثوا لكم عن لغة أخرى.
غير أن رد أحد المتحدثين أثلج الصدر عندما قال إن القصور ليس في اللغة، وإن الأرض تتحدث لغة أهلها.. نعم ليس العيب في اللغة بقدر ما هو فيمن يرميها بالقصور لضحالة مفرداته وتدني معرفته بجماليات اللغة العربية..
وإن من الملفت أن تسمع توالي دول العالم في اعتماد تعليم اللغة العربية في مؤسسات التعليم لديها، أما في عقر دار لغة الضاد فإنك مزاجك يتعكر عندما تسمع من يتهمها بعدم مواكبة العصر.!!
وفي مقام احترام الأمم للغتها واعتزازها بها يتذكر كاتب هذه الأسطر مشاركته خلال شهر مارس 2012 في قمة الأمن النووي في سيئول عاصمة كوريا الجنوبية، حيث أقام في فندق يصنّف من فئة خمس نجوم..
وما أثار إعجاباً ودهشة ما تزالان في الذاكرة أن الغرفة الفندقية كانت تحوي ما تسمى “ميني بار” وهي ثلاجة صغيرة تكون عادة في غرف الفنادق يُحفظُ فيها الماء والعصائر.. أراد ساكن الغرفة أن يشرب ماءً فسعى إلى قراءة محتويات قنينة الماء وعلبة العصير فلم يستطع.!! فالمعلومات المدونة كانت باللغة الكورية فقط.. لا عربية ولا إنجليزية ولا أية لغة أخرى.. انبهر ساكن الغرفة من اعتزاز الكوريين بلغتهم.. وما زال يتساءل: هل يصل الاعتزاز باللغة إلى حد أن تكون لغة المشروبات في فندق خمسة نجوم باللغة الوطنية للبلد فقط.. يا له من موقف بقي حاضراً في الذهن حتى اليوم.
ogaily_wass@
