البلاد – مها العواودة
جرائم الاحتيال المالي الالكتروني، لا تحتاج فقط إلى تذكير بخطورتها ، إنما أيضا مناقشة أساليبها من الخداع والتحايل ، ولعلنا نشير هنا إلى ما ظهر مؤخرا من شركة وهمية قامت بترويج الكتروني منظم لعمليات تداول في أسهم شركات تنفذ مشروعات كبرى، وإغراء المواطنين بأرباح كبيرة شهريا ، لخداع من ليس لديهم ثقافة وخبرات التداول، وطلب بياناتهم البنكية للإيقاع بهم في حبائل شباكهم الثعلبية الماكرة وسحب أرصدتهم ، فيما لا ينفع الندم.
حول ذلك ناقش هذه القضية مع عدد من الخبراء والمختصين ، ليدلوا بدلوهم في ترسيخ الوعي المجتمعي تجاه تلك الجرائم.
خبير الأمن السيبراني هاني الحمدان يشير بداية إلى أن الوعي المجتمعي تجاه أساليب الاحتيال عبر الانترنت ارتفع في الآونة الأخيره، حيث أصبح الكثير من الناس تميز إلى حد كبير هذه الأساليب وتعي طرق التعامل معها ، محذرا في الوقت ذاته من أن أساليب الاحتيال والتصيد الإلكتروني تتطور وتتلون بشكل متسارع، مما يستوجب على الجميع استمرار رفع الوعي بمخاطر الأمن السيبراني في محيط علاقاتنا وأسرنا.
فالأمن السيبراني ، كما يقول الحمدان ، مسئولية الجميع لرفع الوعي بالمخاطر والتهديدات السيبرانية ومنها جرائم الاحتيال المالي ، وكذلك سبل الوقاية وتعزيز الأمان بالتعاون مع مختصي الأمن السيبراني والجهات ذات العلاقة من خلال الإبلاغ عن أي جريمة او شبهه الكترونية.
شرائح مستهدفة
جانب آخر من النقاش يطرحه الخبير الاقتصادي الدكتور علي الحازمي ، على خلفية الشركة الوهمية التي افتضح أمرها مؤخرا ، حيث قال إن المستهدفين في هذا الاحتيال هم ممن ليس لديهم أدنى فكرة عن التداول في سوق الأسهم والأوراق المالية بشكل عام ، حيث طبيعة الإنسان يبحث عن عوائد في فترة قليلة.
ويرى أن ما يجري امر خطير يقع ضحيته كبار السن بشكل أكبر خاصة وأن مثل هذه الفيديوهات التضليلية صعب كشفها من غير المختصين ذوي الخبرة القادرين على التصدي لهذا النوع الجديد من الحيل ، لافتا إلى أن مسؤولية التوعية تقع على الجميع ولايستثنى منها أحد ، محذرا في الوقت ذاته من الانسياق وراء عمليات الاحتيال والخداع ، كونها مثل الفيروس ، كل مرة تأتي بشكل مختلف لاستهداف أعداد أكبر وزيادة عدد الضحايا “المضحوك عليهم ” في تلك الجرائم وضياع أموالهم ، ومن ثم فإن القضاء على هذه الظاهرة يكون أولا بتوعية كبيرة في المدارس والجامعات ووسائل الإعلام التقليدية والاليكترونية والمجالس العامة.
في السياق يشير المحلل الاقتصادي سليمان العساف ، إلى جرائم نصب وسرقة لملايين الدولارات حول العالم ، ويرى أن التوعية موجودة لكنها تخاطب شريحة معينة ، من يستطيعون الاطلاع والمتابعة ، وبالتالي ضرورة توسيع دائرة الوعي لكل شرائح المجتمع والوصول لهم بالطريقة التي تناسبهم وكذلك إعداد حلقات تعريفية بسيطة ومواقف ومشاهد تمثيلية عن مثل هذه الحيل.
المسؤولية مشتركة
ومع الخبير المصرفي طلعت حافظ ، الذي أكد أن المسؤولية مشتركة في توعية المواطن حيث للمصارف مسؤولية في التوعية من جانبها ، وعبر لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك فضلا عن الدور النوعي الذي تقوم به عدة جهات.
ويؤكد أن للجهات الأمنية دور كبير تقوم به في التوعية وكذلك للبنك المركزي السعودي دور مميز ، وأيضا هيئة السوق المالية وكذلك اللجنة الداعمة للتحذير والتوعية من شركات الفوركس غير المرخصة دور مهم جدا في هذا الامر وشركات الاتصال في السعودية.
وتابع حافظ بقوله: لايمكن ان نلقي عبء المسؤولية على جهة معينة ، لكن والمصد الأول هو العميل ، والمطلوب منه ان لا يلهث وراء الأرباح السريعة التي تصدر من جهات غير معروفة وغير مرخصة ، مؤكدا أن البيئة المالية في المملكة قوية ومتطورة ، وتزخر بالعديد من قنوات الاستثمار المرخصة ، يضاف إلى ذلك وجود مختصين ومرخصين من هيئة السوق المالية ما يعرف بمستشارين للثروات وإدارتها حيث يمكن اللجوء لهم في تصميم محافظ استثمارية تتناسب مع كل عميل ومستثمر لتحقيق العوائد المنشودة.
رسالة مهمة
وفي رسالة مهمة، يشدد المستشار المالي والمصرفي ماجد الصويغ ، على أهمية أخذ الحيطة والحذر وعدم التعامل نهائيا مع المواقع غير المرخصة ، وهنا يبرز دور القطاع المصرفي وسوق الاسهم وجميع الشركات المرخص لها من بنوك ومصارف وشركات مالية لتوعية الأفراد وتكثيف التوعية من خلال إطلاق حملات وطنية واسعة للتوعية وعدم الاكتفاء برسائل نصية فقط ، محذرا من أن الجرائم المالية الالكترونية قد يندرج تحتها عمليات لغسل الاموال وتمويل الارهاب والاحتيال مما يضع المتداول بها في خطر كبير، على ضوء المرسوم الملكي الصادر لمكافحة هذه الجرائم بشتى أنواعها ، وانضمام السعودية لمجموعة العمل المالي “فاتف” عام ٢٠١٩ كأول دولة عربية تنضم للمجموعة لمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والاحتيال وانتشار السلاح.