إن من أهم تداعيات ثورة المعلومات التي يعيشها العالم اليوم هو تحول المجتمعات إلى مجتمعات معرفية وبروز ما يعرف باقتصاد المعرفة الذي أطل بقوة على المشهد الاقتصادي العالمي، حيث نتج عن هذا التحول واقع جديد يتطلب من كافة مؤسسات التعليم العالي مراجعة ومواءمة خططها ومناهجها بحيث تكون مخرجاتها التعليمية متسقة مع الاحتياجات الفعلية لمتطلبات التنمية وعملية البناء الوطني.
إن رؤية المملكة تهدف بحلول 2030 إلى خفض نسبة البطالة من 11.6 % إلى 7 %، وبالتالي خلق فرص عديدة لعمل الخريجين في الوظائف التي ستوفرها مشاريع الرؤية، الأمر الذي يتطلب خلق تخصصات معينة بل التفكير في إمكانية تأسيس جامعات بمناهج جديدة تكون منسجمة مع مجالات عملية التنمية المستدامة وأهداف الرؤية وتحد من نسب البطالة لدى الشباب في إطار أن مؤسسات التعليم الجامعي ومخرجاتها ينبغي عليها أن تؤسس أهدافها لتكون متسقة وتلبي احتياجات التنمية وسوق العمل.
وهنالك تخصصات مطلوبة في المرحلة القادمة منها على سبيل المثال لا الحصر تلك المرتبطة بقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في كل ما يتصل بعلوم الحاسوب من برمجيات وهندسة إلكترونية وأمن سيبراني وغيره بغية الارتقاء بالبنية التحتية الرقمية اللازمة للنهوض بسائر أنشطة الدولة، ومجالات القطاع الطبي والصحي من طب بشري وصحة عامة ورعاية صحية وتمريض وغيره، وتخصصات مجال التعدين كالجيولوجيا وهندسة التعدين وفيزياء الأرض، وتلك ذات الصلة بقطاع النقل واللوجستيات وإدارتها والموانئ والنقل البحري والإمداد والمجالات المالية والاقتصادية كالعلوم المصرفية والتمويل والاستثمار والتأمين وإدارة المخاطر وغيره، فضلاً عن تخصصات مجال الطاقة النظيفة والمتجددة، والثقافة والفنون والإعلام الرقمي والإنتاج والإخراج السينمائي والسياحة والآثار والفنون الجميلة وغيرها.
ومن ضمن الأفكار الهادفة إلى المواءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات التنمية المستدامة، إقامة الجامعة المنتجة من خلال تأسيس جامعات ذات مجالات معينة من التخصصات لخدمة نشاطات في مجالات التنمية المستدامة مثل إيجاد جامعة تختص بالجانب الزراعي وأخرى بالصناعي وغيره، وإنشاء كليات متخصصة داخل الجامعة يتم تمويلها عبر المؤسسات المهتمة بمجالات تخصصها، كما يمكن تأسيس هيكل مشترك يضم مؤسسات التعليم العالي التطبيقي والدولة وقطاع الأعمال والأكاديميين والقطاع الخاص، وإقامة شراكة مع المجتمع المدني لربط التعليم العالي بحاجات سوق العمل ومتطلبات التنمية، وفوق ذلك كله الاستثمار في مجال التعليم العالي.
وأخلص إلى أن التغيرات الكبيرة التي يشهدها عالم اليوم ومتطلبات تحقيق رؤية 2030 هي في مسيس الحاجة إلى تخصصات مواكبة لرفد مشاريعها بعيداً عن بعض التخصصات الأكاديمية التقليدية، الأمر الذي يستوجب إعادة النظر في مخرجات التعليم العالي من خلال التركيز على جودتها وإحكام عملية التنسيق بينها واحتياجات سوق العمل وكافة مشاريع التنمية.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@