تحقيق- ياسر بن يوسف
فيما تتزايد يومياً الأخبار التي تتحدث عن احتراق منازل ووفاة أطفال وشباب بسبب شواحن هاتف أو فيش ومقابس كهربائية مغشوشة، فإن بعض المحلات ما زالت تبيع الأفياش والتوصيلات الكهربائية المقلدة والمفاتيح الكهربائية مجهولة المصدر، ما يجعلها بمثابة “قنابل” موقوتة في المنازل، خصوصا أن الاسعار الرخيصة تستهوي المتسهلكين فيشترونها ويضعونها في غرف نومهم وأماكن جلوسهم دون أن يعرفوا أنها تخفي خلفها خطرا داهما،
ومع تزايد عروض التوصيلات والافياش وشواحن الهواتف النقالة “المضروبة” زادت شكاوى المستهلكين من وجود أنواع من التوصيلات الكهربائية والقابسات والمقابس “الأفياش” الرديئة الصنع في الأسواق، وهي قطع غير مطابقة للمواصفات والمقاييس السعودية، ويعد الكثير منها المسبب الرئيس للحرائق داخل المنازل، وتبدو هذه السلع المقلدة أكثر بروزا وتواجدا في المحال التجارية والبقالات والسوبر الماركت ومحال بيع الأدوات الكهربائية. “البلاد” رصدت آراء عدد من المختصين حول مخاطر الافياش والتوصيلات الكهربائية والقابسات وكيفية محاصرتها وآليات توعية المستهلك بمخاطر هذه الأجهزة المغشوشة.
عضو جمعية الاقتصاد السعودي الدكتور عصام خليفة لفت إلى أن الافياش والقوابس والمفاتيح والتوصيلات الكهربائية تصنف عالمياً على أنها واردات «عالية الخطورة» إن لم تكن ذات مواصفات وجودة عاليتين، لما ينتج عنها من كوارث مميتة، بينما تعزو بعض الدول 40 % من حرائقها للمغشوشة منها، واللافت أن الكثير من الأسواق ومحلات «أبو ريالين» باتت مليئة بهذه النوعية من البضاعة المقلدة والمغشوشة، التي تباع بشكل علني دون رقيب ويقبل عليها البعض لرخص سعرها، والكثير من المستهلكين يعتبرون وجود هذه المنتجات في السوق دليلا على أمانها واستيفائها للاشتراطات والمقاييس، ومن ثم فإنهم يلقون باللائمة على الجهات المختصة في ضعف التوعية، وعدم إيصال هذه التوعية للمستهلك بطريقة صحيحة، الأمر الذي يتسبب أيضا في ضعف تعاون المستهلكين مع الجهات المختصة في الإبلاغ عنها.
علامة استفهام
ويستغرب الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة ما تشهده الأسواق من وجود الفيشات والمقايس والتوصيلات الكهربائية المغشوشة ، ويقول: على الرغم من الجهود المبذولة من الجهات المختصة والمتمثلة في المنع والتشهير والرقابة والتفتيش وإيقاع العقوبات المغلظة، فإن سوق هذه المنتجات الكهربائية المقلدة والمخالفة ما زال في تنامٍ ورواج، ولفت إلى أن الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة أعلنت في بداية شهر نوفمبر الجاري، إلزام المصنعين والموردين، بالحصول على الشهادة الوطنية للأجهزة والمكونات الكهروتقنية «IECEE»، والشهادة الوطنية الخاصة بالمعدات والأجهزة المخصصة للاستخدام في الأجواء القابلة للانفجار «IECEX»، للسماح بدخول عدد من المنتجات من المنافذ الجمركية وتداولها في أسواق المملكة، وينطبق ذلك على قاطعات التيار الكهربائية، كابلات شواحن الهواتف المحمولة، أجهزة الحلاقة الكهربائية، وأجهزة الكمبيوتر المكتبي، وصندوق التوصيل، وتقاطع الأسلاك الكهربائي مع نقاط توصيل الكابل، صندوق التحكم مع نقاط توصيل الكابل، وكاشفات وحساسات الغاز وأنظمة كشف الغاز، القوابس الكهربائية وأجهزة التوصيل الأخرى، المضخات الكهربائية، والإضاءة الخطية الثابتة.
انهيار العوازل
ويؤكد رئيس قسم الكهرباء بالمعهد الصناعي الثانوي بجدة المهندس عصام الانصاري، أن هاجس التوصيلات المقلدة يظل مؤرقاً للجهات المعنية، لما لها من مخاطر كبيرة على صحة الإنسان وسلامة الأجهزة الكهربائية والمنشآت، وتجنب المخاطر لابد من اختيار التوصيلات المناسبة والمطابقة للمواصفات والمقاييس، ولفت إلى أنه من الضروري عند اختيار التوصيلات مراعاة جودة المواد المصنعة وسمك الموصل، بما لايقل عن 1.5 ملم، لتلافي زيادة التيار الكهربائي مما يسبب ارتفاع درجة الحرارة وانهيار العوازل وحدوث الحرائق.
وشدد على أهمية استخدام التوصيلات ذات الكفاءة العالية لتتناسب مع الأجهزة المراد تشغيلها، وعدم تحميل التوصيلات أكثر من قدرتها، وأن تكون مزودة بعوالق لحماية الأطفال من خطر الكهرباء، وأشاد بدور المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في تثقيف المجتمع بخطر استخدام التوصيلات التجارية، لافتاً إلى أن الدفاع المدني حذر في مواطن عديدة من اقتناء التوصيلات المقلدة التي تشهد للأسف إقبال متزايد لرخص سعرها.
خداع المستهلك
وشدد المهندس سامي قرامي مهندس الإلكترونيات – الحاصل على ماجستير في الهندسة الكهربائية من جامعة كولورادو الأمريكية – على ضرورة انتشار التوعية تجاه المخاطر الكبيرة التي تسببها التوصيلات المغشوشة، وقال: نجد في السوق عشرات الأنواع من الأسلاك، عادة هناك أسلاك رخيصة مقلدة، وأسلاك أصلية غالية، وفي الكثير من المرات يصعب التفرقة بينهما، فيقع المشتري فريسة للخداع في منتجات تضر أجهزته الثمينة مثل الهاتف المحمول، وأحيانا يعرض حياته للخطر مثل استخدام توصيلات كهربائية سيئة لتوصيل تيار عالي مما يسبب الحرائق عادة.
وأشار إلى أن الجهات المختصة مثل وزارة التجارة تعمل بدورها على كشف ومنع الماركات السيئة التي تشكل خطراً ولكن من الصعب ايجادها دائماً، مما يستلزم توعية المشتري بالاهتمام بتجربة الأسلاك والكيابل، ثم الإبلاغ عن الأنواع السيئة مما يحمي المشترين الآخرين.
أنواع رديئة
ويوضح رئيس وحدة الأنشطة ورعاية الموهوبين بكلية الاتصالات والإلكترونيات بجدة المهندس رمزي أحمد مهدي، أن سمك «الموصلات» في الاجهزة الكهربائية تعتمد على التيار المقنن لها من الشركة المصنعة، لذا لا يمكن استبدال الموصلات من جهاز لآخر دون التأكد من موائمة التيار المقنن لتشغيله، فمثلا لايمكن تشغيل جهاز التكييف بسلك «موصل» جهاز التلفزيون، مؤكداً أن هناك جداول في الهندسة الكهربائية تعطي سمك السلك (الموصل) المناسب حسب التيار الذي يمر فيه والذي يعتمد على الجهاز الكهربائي الذي سيتصل به.
وأكد أن الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس وضعت اشتراطات لدخول هذه الأجهزة، وتوجد شهادة تطالب بها الجهة المصنعة لذا من المفترض جميع ما الأسواق مطابق للمواصفات، ولعل سوء الاستخدام او استخدام المستهلك التوصيلات او الشواحن في غير استخدامها كان له الأثر في الحوادث التي تحصل مثل الالتماس الكهربائي والحرائق المترتبة عليه، وقد يكون أحد العوامل التي تؤدي إلى ذلك لجوء أغلب المستهلكين إلى شراء الأنواع الرديئة من الشواحن والتوصيلات الكهربائية او ذات التيار الكهربائي المقنن المنخفض بسبب ارتفاع اسعار الانواع الجيدة في ظل الحاجة لأكثر من توصيلة او شاحن في المنزل وزيادة ساعات التشغيل مما يؤدي إلى ارتفاع حرارة السلك وبالتالي انهيار العازل بين الموصلين وحدوث دائرة قصر تنتج عنها شرارة تكلف البعض حياتهم.
قنابل موقوتة
واتفق مدير الاتصال المؤسسي بالمعهد الصناعي الثانوي بجدة عيد مرعي الغامدي، إن المستهلك يعد المتحكم الرئيسي باختيار المنتج بحسب مقومات عديدة تأتي عبر وعي المستهلك وتعزيز ثقافة الجودة في اخيار المنتج.
حيث غزت اسواقنا العديد من المنتجات وذلك من خلال العرض والطلب، من خلال الإعلانات والتسويق التجاري بوسائل التواصل الاجتماعي واغراء المستهلك بالترويج مقابل الجوائز والالعاب الترويجية والتخفيضات.
ومن أبرز المنتجات الشائعة الاستخدام كيابل شواحن الجوالات والتوصيلات الكهربائية الرديئة والتي أدت الى أضرار جسيمة لأجهزة الجوالات والبطاريات وأيضا كانت من اهم أسباب الحرائق والوفيات.
فكما نطالب هيئة المواصفات والمقاييس السعودية بتضييق الخناق لبعض التجار وفرض غرامات مالية لمخالفي المواصفات والمقاييس، نطالب بنشر ثقافة الشراء للمستهلك من خلال وزارة الإعلام ووزارة التعليم لمعرفة المستهلك بحقوقة من خلال مطابقة المنتج لمواصفات الهيئة والجودة ولصلاحية المنتج.
مصادرة المغشوشة
تمنع أنظمة وزارة التجارة استيراد وبيع وتسويق منتجات مخالفة للمواصفات القياسية المعتمدة او التي تنطوي على غش أو تعرض سلامة مستخدميها للخطر أو سلع مقلدة لعلامات تجارية مسجلة، وتقوم فرق الرقابة بالوزارة بضبط ومصادرة المنتجات المغشوشة أو غير المطابقة للمواصفات القياسية السعودية المعتمدة، من خلال جولاتها الرقابية أو البلاغات التي تصلها من المستهلكين، وتطبق الإجراءات النظامية بحق المخالفين، كما تقوم الوزارة بسحب عينات من المنتجات الموجودة في الاسواق، وتخضعها للفحص للتأكد من مطابقتها للمواصفات. وينص نظام مكافحة الغش التجاري على عقوبات تصل إلى السجن ثلاث سنوات، وغرامات مالية تصل إلى مليون ريال أو بهما معا، والتشهير بالمخالف في صحيفتين محليتين على نفقة المخالف، وترحيل العمالة المخالفة إلى بلدانها والإيقاف والمنع من ممارسة النشاط التجاري.
خطر على المستهلك
جمعية حماية المستهلك أكدت بأن السلع والتوصيلات الكهربائية المغشوشة تُشكل خطراً كبيراً على المستهلك وأسرته والبيئة المحيطة به والاقتصاد بوجه عام، فمن ناحية تأثيرها السلبي في إضعاف تواجد السلع الأصلية والجيدة المطابقة للمواصفات والمقاييس وذلك من خلال قلة تكلفتها واستغلال قلة وعي بعض المستهلكين أو التحايل عليهم بأنها أصلية وبسعر أقل فتجد إقبالاً عليها؛ مما يؤدي ذلك إلى تحمل المستهلك معظم الآثار السلبية خصوصاً عندما تكون غير مطابقة للمواصفات والمقاييس، فالسلع المقلدة أو المغشوشة سريعة التلف، فيضطر المستهلك إلى الشراء المتكرر، وهذا يؤدي إلى زيادة الانفاق الاستهلاكي.
وإذ تؤكد الجمعية على أن المستهلك يجب أن يكون واعياً ويختار بعناية ما يريد شراءه فالجهات الرقابية موجودة وتعمل على منع وصول هذه السلع المقلدة للسوق السعودي، وقد حققت تقدما كبيرا في هذا المجال. ويجب على المستهلك التحقق من السلعة قبل شرائها وأن يقوم بالشراء من الموزعين المعتمدين للمنتجات والتحقق من قائمة المنتجات غير المطابقة للمواصفات على موقع الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس وإبلاغ الجهات المعنية في حال اكتشافه سلعة مغشوشة لحماية نفسه والمجتمع. يجدر بالذكر بأن جمعية حماية المستهلك أطلقت مؤخراً حملة توعوية بالتزامن مع موسم التخفيضات تحت شعار «موسم_حاسم» ، وقد بينت الحملة دور المستهلك المهم في اتخاذ قرار عملية الشراء الواعي حيث أن مثل هذه المواسم تشكل فرصة للمستهلك الواعي الذي يدرك احتياجاته الفعلية وعدم انسياقه وراء مغريات التخفيضات الوهمية كما أكدت على عدم الشراء من المتاجر غير الموثوقة ووضحت طرق التسوق الذكي.
كما أشارت الجمعية في حملتها بأنه في حال اكتشاف المستهلك لتخفيض وهمي أو عدم حصول المتجر على تصريح التخفيضات، فيجب المبادرة بتقديم بلاغ للجمعية من خلال الهاتف المجاني 8001160087 أو عبر موقع الجمعية الإلكتروني حيث يوجد أيقونة مخصصة لاستقبال الشكاوى وبأن الجمعية ستنسق مع الجهات ذات العلاقة لمعالجة تلك المشاكل التي قد تواجه المستهلك.