اجتماعية مقالات الكتاب

عاش وحيداً

عاش وحيدا، “يتيماً” لكن في وجود الوالدين، لقد انفصلا، وعاش كل واحد منهما حياته الخاصة، وتركوه عند جدته التي كانت تسكن في قرية، لا تكاد تجد ما يغنيها عن الناس.

نشأ هذا الطفل لم يشعر بوجود اب يسانده، ويقف معه، فلقد غادر البلاد ليعيش في إحدى الدول المجاورة، بينما الام تزوجت برجل اخر، وأنجبت منه أبناء، وعاشت من أجلهم.

لقد أصر على النجاح، رغم الظروف الصعبة ، عاطفيا، واجتماعيا، وماديا، أكمل دراسته، وحاول العمل في المساء، وفي كل ليلة ينظر إلى القمر، فلا يتمالك نفسه من البكاء، ولكن مع كل دمعة كان هناك قوة تدفعه أن ينتصر، ليحقق مايريد، فيرفع يديه إلى السماء يدعو الله، فيتذكر قول الله “لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا”.

هذا الطفل استطاع أن يحقق ما يتمنى، عندما ايقن أنه المسؤول الأول عن حياته، فقد تخرج من الجامعة، وتم اختياره في إحدى الوظائف الحكومية، وتزوج من أفضل النساء، وتملك بيتا، ورزق باطفال، ليعيش معهم أجمل اللحظات. أننا نحاول بكل ما نستطيع، وتدفعنا غريزة أبوية طبيعية، أن نجنب أبناءنا المعاناة في الحياة، فلا نكاد نترك لهم مجالاً يستطيعون من خلاله التجربة والمحاولة والخطأ، في الحقيقة إننا نُجردهم من القدرة على النمو والتعلم من المصاعب.

تقول عالمة النفس والناجية من معسكر اعتقال “أوشفيتز” وهي “إيديث إيفا إيغر” : إن الأطفال المدللين إلى حد إفسادهم كانوا أول من لقي حتفه في معسكر “أوشفيتز” حيث استمروا في انتظار أن يأتي الآخرون كي ينقذوهم، وعندما لم يأت أحد، استسلموا، لم يتعلموا كيف ينقذون أنفسهم.

فاصلة :
هناك مثل صيني يقول :” السقوط في خندق يجعلك حكيما”، بمعنى حين تقع لك مشاكل ومصاعب ومصائب، فالحكيم سيتعلم منها ويخرج منها أكثر علما وخبرة ودراية. إن أعظم ما نقدمه لأبنائنا غرس الثقة بالنفس، والقدرة على تحمل المسؤولية، فالحياة فيها المشقة كما فيه المتعة. يقول الله تعالى في سورة البلد: “لقد خلقنا الانسان في كبد” ويفسر ابن عباس الآية بقوله، إن الله خلق الانسان وهو يكابد أمر الدنيا والآخرة.

Faheid2007@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *