القراءة تبدأ بالفضول وتنتهي بالمعرفة، والقراءة التي تدور في فلك الفضول، تتملك القارئ لتجعله يبحر في عالم القراءة ويبحث عن إجابات لتساؤلات تدور حتى تتكون لديه الصورة الكاملة مع السنين فالعلم بحر والخبرة القرائية هي من توسع الآفاق وتطلق المخيلة وتبني المدارك والقيم.
كما يقول هاروكي موراكامي (إذا كنت تقرأ فقط الكتب التي يقرأها الجميع؛ فستفكر فقط كما يفكّر الجميع) الفضول هو مزرعة المعرفة.
كالرحالة الذين يسافرون ويرتحلون في أرجاء العالم، حينما يروا شيئاً لم يروه من قبل أو يخوضوا تجربة لم تخطر على بالهم فهم أضافوا لأنفسهم بعداً آخر من معرفة ثقافات الشعوب عن طريق معايشتها والذهاب إلى أماكنها التاريخية لمعرفة التاريخ والبحث عن النسيج الاجتماعي والعلاقات بين افراد ذلك المجتمع، والتعرف إلى عاداتهم، وطقوسهم، وبروتوكولاتهم الحياتية.
تلك هي القراءة رحلة إلى عوالم مجهولة تقودك في كل مرة إلى معلومات، وتقارير، وآراء، وخبرات، تجعلك تستمتع في هذا المجال حسب نوع الكتاب الذي تقرأه، والمحيط الذي تبحر فيه، وإذا أردت نصيحتي اقرأ في الكتب التي لا تشبهك حتى تتضح لك الخريطة الخارجة عن نطاقات جغرافيتك الفكرية.
قراءة الكتب من الأشخاص الذين تتفق مع آرائهم، ونظرياتهم، وخبراتهم، لن تفيدك في شيء بقدر التنور المعرفي لإطلاق قدراتك الفضولية نحو الأزقة، وفوق المباني، وفي البلكونات، حتماً سوف ترى الشارع بأكمله ومن ثم سوف تصل إلى ناطحات السحاب وترى منظراً بانورامياً مهيباً.
وكما قال الله تعالى (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) صدق الله العظيم لن تستطيع مهما قرأت من الكتب واطلعت على المراجع أن تسبر أغوار العلم والعالم، ولكنك حتما سوف تدرك بأن التجربة الإنسانية جديرة بأن تُقرأ في ملفات ذاكرتك، وهنا اقتبس مقولة رائعة لرينيه ديكارت (قراءة الكتب الجيدة كمحادثة أفضل الرّجال في القرون الماضية).
إما المشورة هي تقديم النصح للمساعدة في صنع القرار وكما يقال (ما خاب من استشار ولا ندم من استخار).
moutasem.bakraa@gmail.com