بكل أسف ما تزال جائحة كورونا موجودة في مختلف أنحاء العالم، ويتحور الفيروس المسبب لها مُنتِجًا نُسخًا وسلالات متطورة رُصد منها حتى الآن عدة سلالات من بينها: السلالة البريطانية، وسلالة جنوب أفريقيا، وأخيرًا السلالة الهندية التي كانت أكثر شراسة من غيرها.ورغم توصل العالم إلى لقاحات التحصين ضد الفيروس، ونحن هنا في المملكة بفضل الله تعالى اقتربنا من تحصين النسبة المطلوبة من إجمالي عدد السكان، وببلوغ هذه النسبة بإذن الله سنصل إلى المناعة الجماعية القادرة بحول الله على حماية المجتمع من تفشي الجائحة على نطاق واسع يهدد المنظومة الصحية.
ولكن وبالرغم من ذلك تؤكد منظمة الصحة العالمية أن مخاطر تفاقم الجائحة ما تزال موجودة، وأن العالم لم يصل بعد إلى مرحلة الأمان، وإنهاء الإجراءات الاحترازية والعودة إلى الحياة الطبيعية التي كان الناس عليها قبل ظهور هذه الجائحة، وتدعو المنظمة جميع الدول إلى الاستمرار في تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي، والابتعاد عن التجمعات وخصوصًا في الأماكن المغلقة.
فضلًا عن ذلك فما تزال مسألة تحصين الأطفال بلقاحات كورونا مسألة فيها نظر علمي؛ إذ ينقسم الخبراء والمتخصصون حيال ذلك بين مؤيد ومعارض.
ونحن هنا في المملكة العربية السعودية نحمد الله تعالى الذي حبانا بحكومة رشيدة، وولاة أمر حكماء من الطراز الرفيع الذين يضعون مصلحة الإنسان فوق هذه الأرض المباركة قبل أي اعتبار، ويُولون هذا الأمر كل اهتمامهم، ولا يدخرون جهدًا ولا وسعًا في سبيل تحقيق هذه المصلحة.
وفيما يتعلق بالعام الدراسي المقبل بإذن الله تعالى وما ينبغي أن يكون عليه فالناس في حيرة من أمرها، وخصوصًا مع تفشي الموجة الثالثة من جائحة كورونا في عدد من الدول والمجتمعات؛ إذ ما تزال الأوضاع غامضة ومتداخلة وملتبسة، ففي الوقت الذي أصبح من المقبول أن يكون التعليم الجامعي حضوريًّا إذ الطلاب كبار العمر وغالبا ما سيكونون قد أخذوا اللقاح وكذلك أعضاء هيئة التدريس في الجامعات وكذلك الموظفون والعاملون فيها.
أما التعليم العام فما يزال بحاجة إلى مزيد من التأني والبحث والدراسة فطلاب المدارس لم يتناولوا اللقاح، كما لا يمكن المخاطرة بتطعيم طلاب المرحلة الابتدائية وما قبلها في ظل انقسام العلماء حيال جدوى ذلك وفائدته، فضلًا عن إمكانية تنفيذه، وما دام نظام التعليم عن بُعد قد حقق نجاحًا في المملكة بشهادة الجميع فلا بأس من استمرار التعليم عن بُعد (والحالة هذه) ولو خلال الفصل الدراسي الأول من العام القادم على الأقل!! وفيما يتعلق بمسألة ذهاب المعلمين والمعلمات إلى المدارس حتى لو لم يذهب الطلاب فأظن أن الأمر بحاجة إلى إعادة نظر، فما جدوى ذهابهم إلى المدرسة دون وجود طلاب؟ ثم إن هؤلاء المعلمين والمعلمات هم آباء وأمهات، فكيف سيذهبون إلى المدارس ويتركون أبناءهم؟ وكيف سيأمنون على دخول هؤلاء الأبناء إلى منصات التعليم عن بُعد ليواصلوا عملية التعلم دون متابعة الآباء والأمهات؟!
عمومًا ما يزال يفصلنا عن بدء العام الدراسي الجديد نحو ثلاثة أشهر فلعل المعنيين بالأمر يجدون حلولًا تضمن استمرار عملية التعلم دون أية مخاطر على الطلاب أو على المجتمع.
أكاديمي وكاتب رأي
GhassanOsailan@