جدة ـ ياسر بن يوسف ـ عبد الهادي المالكي
لا شك أن جائحة فيروس كورونا غيرت من أنماط السلوك الجمعي في العالم، خصوصا إن الحياة قبل أن تتفشى الجائحة في الكوكب لم تكن تتضمن آليات التباعد الاجتماعي، والاحترازات الوقائية ، غير أن الأمن الغذائي في المملكة العربية السعودية، لم يطرأ عليه أي تغير أو اختلاف، حيث أن ثبات الأمن الغذائي السعودي، وتوافر المنتجات الزراعية والحيوانية في المملكة جاء امتداداً لسلسلة الإنجازات والنجاحات التي تحقَّقت نتيجة تحقيق استراتيجية برنامج التحول الوطني في تعزيز الأمن الغذائي بالتعاون مع وزارة البيئة والمياه والزراعة، عبر التعامل مع غذاء السعوديين وسط الجائحة بأعلى درجات المسؤولية لدعم القطاع التمويني في ظل الأزمة؛ إذ سعت المملكة العربية السعودية إلى تخصيص ملياري ريال لتمويل استيراد المنتجات الزراعية المستهدفة في استراتيجية الأمن الغذائي، من خلال مزيج من القروض المباشرة وغير المباشرة، ضمن منتجات التمويل المختلفة التي يقدِّمها صندوق التنمية الزراعية. والمستهدفة في مرحلتها الأولى منتجات «الأرز، والسكر، وفول الصويا، والذرة الصفراء»، بينما سيتم إضافة أية منتجات أخرى حسب احتياجات السوق واستراتيجية الأمن الغذائي.
وفي هذا السياق أوضح مدير عام الإدارة العامة للأبحاث والإرشاد الزراعي بوزارة البيئة والمياه والزراعة الدكتور بندر بن محمد الصقهان أن أهمية الأمن الغذائي تكمن في التشجيع المستمر على الاستثمار من أجل الحصول على دخل إضافي للأُسر، ويشجع هذا الأمر على زيادة كمية استهلاك الغذاء، وزيادة الفاعلية الإنتاجية للإنتاج الزراعي، عن طريق استخدام الآلات الزراعية والتقنيات الحديثة الخاصة بالزراعة، من أجل زيادة القدرات التنافسية . فالأمن الغذائي يساعد في ارتفاع مستوى المعيشة لطبقة الريفيين، من خلال مساعدة المرأة الريفية في عملية التنمية في نطاق الزراعة، أو من خلال زيادة الدخل الاقتصادي.
ومن هنا تأتي أهمية برنامج “ريف”، في تنويع القاعدة الإنتاجية للزراعة، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي في المملكة عبر توفير 43 % من الاحتياجات الكلية من الطاقة الغذائية لسكان المناطق المستهدفة، ونحو 19 % من الاحتياجات الغذائية الإجمالية للمملكة.
كما يسعى هذا البرنامج الوطني إلى ضمان سهولة الحصول على الغذاء، واستهلاك غذاء آمن وصحي، وتوفير إمدادات غذائية مستقرة، والمساهمة في زيادة نسب مشاركة المرأة في سوق العمل بالإضافة إلى الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وفقاً لمستهدفات “رؤية 2030”.
ويتضمن البرنامج حزمة متكاملة لدعم المنتجات الزراعية في مختلف مناطق المملكة والتي تتمثل في: المحاصيــل البعلــية (الــذرة الرفيعة، القمح، السمسم والدخن)، و “البن العربي “، والنباتات العطرية “الورد”، إضافة إلى الإنتاج السمكي والفواكه شبه الاستوائيــة الرمـان، التيــن، العنــب، وكذلك النحل والعسل والإنتاج الحيواني والقيمة المضافة للحيازات الصغيرة والمنتجات الريفية.
تحسين الإنتاجية
واستطرد الصقهان أن هناك برامج مقدمة لدعم صغار المزارعين تهدف إلى رفع الوعي لدى المزارعين وتحسين الإنتاجية في المزارع، مستهدفة أصحاب الحيازات الصغيرة من المزارعين ومربي النحل من الأفراد المسجلين بالوزارة ويحملون تراخيص وكذلك صغار المنتجين من الصيادين ولديهم تراخيص. وتتنوع أنشطة هذا البرنامج بين برامج وأنشطة إرشادية مثل الندوات التعريفية وورش العمل والنشرات والمطويات والملصقات الإرشادية وأفلام توعوية متخصصة وغيرها. ويتضمن هذا البرنامج تطبيقا لدى المزارعين الذي يعنى بأداء بعض العمليات الزراعية لدى المزارع في مزرعته مثل التسميد وتلقيح النخيل والري ورش المبيدات وغيرها من قبل فرق إرشادية وفنية تابعة لمديريات وإدارات شؤون الزراعة. ويصاحب ذاك توزيع بعض الأدوات والمعدات الزراعية على المزارعين مثل مصائد سوسة النخيل الحمراء وأسمدة ومبيدات ومعدات رش المبيدات وكمامات وقفازات وغيرها من الاحتياجات الأخرى.
كما ان التحديات التي تواجه الأمن الغذائي العالمي كبيرة، كأزمة المياه العالمية، وتدهور التربة، واهمال الأراضي الزراعية، والتقلبات المناخية، وإصابة النباتات بالأمراض، وعدم مكافحتها، ومن هنا يأتي دور جميع الجهات المعنية في تعزيز الزراعة المستدامة، ومن المهم إلقاء الضوء على عمل الإدارة العامة للإرشاد الزراعي بالوزارة كحلقة وصل بين مراكز البحوث والمزارعين لإيجاد الحلول للمعوقات القائمة أو الجديدة باستخدام الأساليب المناسبة ونقل ما يحتاج منها إلى بحث لجهات البحث العلمي. ومن ثم نقل نتائج البحوث الزراعية وحلول المشكلات إلى المزارعين على شكل معلومات إرشادية للاستفادة منها في تعليم المزارعين وتطوير مهاراتهم لتطبيق أساليب الإنتاج الحديثة بهدف تحسين الإنتاج الغذائي لتلبية احتياجات المواطنين والحد من الواردات الغذائية وزيادة دخل المزارع ورفع مستوى معيشته مع الحفاظ على الموارد الطبيعية.
سلاسل الغذاء
من جهته أوضح الاقتصادي الدكتور عادل الصحفي لا شك أن جائحة كورونا أثرت بشكل كبير جدا على سلاسل الإمداد الغذائي عالميا وتسببت الازمة ايضا في نقص في المواد التموينية في العالم بشكل عام. ورغم هذا النقص الحاد في العام إلا أن المملكة ولله الحمد استطاعت ان تتجاوز هذه الازمة بكل حرفية وقوة وهذا الحديث ليس مجرد كلام عابر وانما من خلال الواقع الذي نعيشه حيث لم نلمس أي تهديد للأمن الغذائي في المملكة وذلك بفضل الله اولا ثم بفضل الجهود الكبيرة التي عملت عليها حكومتنا الرشيدة فقد كان لها الأثر الواضح والبارز من خلال توفر المواد الغذائية.
واشار الى ان كافة القطاعات الحكومية والخاصة عملت يداً بيد لتجاوز هذه الأزمة في كافة القطاعات ومنها القطاع الغذائي الذي يعد من القطاعات المهمة جدا فقد أعلنت عن توفر وفرة في المخزون الاستراتيجي للأمن الغذائي وليس هناك ما يستدعي القلق والخوف.
واكد بأن كافة الجهات ذات العلاقة سواء وزارة الزراعة أو وزارة التجارة وغيرها من الجهات لم تواجه أية مشكلة في سلاسل الإمداد أو نقص في المخزون خلال أزمة كورونا، بل أكدت أن المملكة تمتلك سلسلة غذائية موثوقة بقدرة إنتاج يومية قادرة على الوفاء بكامل احتياجات المستهلكين وبجودة عالية، لاسيما وأن المملكة تتمتع بأكبر طاقات تخزينية في الشرق الأوسط للقمح والدقيق.
رفع نسب الإنجاز في 8 قطاعات وفق رؤية 2030، ترى وزارة البيئة والمياه والزراعة أن معايير الأداء التي استهدفتها تمكنت خلالها من رفع نسب الإنجاز في 8 قطاعات رئيسية بعضها وصل إلى نسبة 100 في المائة خلال أقل من 3 سنوات فقط من بدء عمليات التطوير، في وقت تم فيه تعزيز دور الصندوق التنموي من خلال زيادة القروض المنسجمة مع الاستراتيجية الزراعية واستراتيجية الأمن الغذائي، حيث زاد التمويل إلى نحو ملياري ريال في عام 2019. كما أن المملكة ماضية قدمًا في تطوير النظام الزراعي المستدام، بما يعزز أمنها الغذائي، ويحافظ على الموارد الطبيعية، إضافة إلى التوسع في الاستثمار الزراعي في الخارج.