جدة- نجود النهدي
مع انتشار شبكات التواصل الاجتماعي واتساع مجالات التجارة الاليكترونية ، تغيرت الثقافة الشرائية خاصة فيما يخص الأسعار ومقارنتها بالسوق التقليدية ارتفاعا وانخفاضا وتباين الجودة ، ومن ذلك ما رصدناه عن منتج زيت زيتون معروض في سوبرماركت بسعر ٣٠,٩٥ ريال وفي إحدى المواقع نفس المنتج ونفس الحجم بسعر ١٩,٩٥ ريال.
في التالي نناقش أسباب الفرقات السعرية ، ومتغيرات ثقافة الاستهلاك ، ونسلط الضوء على الثقافة الشرائية والاستهلاكية الصحيحة للمجتمع.
البداية مع “آراء أمين ماحي” وترى أن على المستهلك البحث عن السلعة في أكثر من موقع خصوصاً في عصر التسوق الالكتروني، حيث تتوفر المنتجات بأسعار متفاوتة، وألا يعتمد الفرد على محل بعينه خصوصاً في ظل دعايات لسلع يباع بعضها بأضعاف سعرها، وفي حال اكتشاف تلاعب في الأسعار ، يجب عليه اللجوء إلى الجهات الرسمية لحفظ حقوقه خاصة السلع الاستهلاكية التي يحتاجها جميع فئات الناس.
من جانبه يقول عمر عبد العزيز الدخيل: فيما يخص الثقافة الشرائية أعتقد انه من الافضل للمستهلك ان يستوعب عدة ملاحظات أهمها : معرفة الجوانب الفنية للمنتج، وظروف العرض والطلب، وتقلبات الأسعار،وكذا أهمية المعرفة الدقيقة لاحتياج المستهلك لتفادي دفع مبالغ لسلع وكميات غير مفيدة خاصة لعروض المنتجات.
أما حسام الحربي فيرى أن المستهلك يستطيع التأثير على الأسعار من خلال الثقافة الشرائية الإيجابية، فلا ينبغي شراء ما لا حاجة له، ولا الاستعجال في شراء الكماليات، لأن اليوم باستطاعة المستهلك مقارنة الأسعار ومعرفة السعر الحقيقي للمنتج بالإضافة إلى الجودة التي يتميز بها.
ويضيف أن الثقافة الشرائية والاستهلاكية من أهم العوامل التي تحمي المستهلك من الغش التجاري وارتفاع الأسعار، لذا على أفراد المجتمع تعزيز هذه الثقافة والتقليل من الشراء العشوائي بالإضافة إلى أهمية مراقبة الأسعار لأن المنتج كثير الطلب قابل لزيادة السعر عليه، ومن العوامل المهمة أيضا قراءة الأسعار ومقارنتها بين المحلات بحيث يكون المستهلك على بينة ووعي قبل اتخاذ قرار الشراء.
بين الاستهلاك والادخار
وحول ثقافة التسوق ومحصلة الآراء السابقة ، استطلعنا رأي المستشار الاقتصادي الدكتور عبد العزيز إسماعيل داغستاني ، حيث شدد في بداية حديثه على ضرورة التفريق بين تلاعب الأسعار واختلاف الأسعار. ويوضح هذا الجانب بقوله: التلاعب يعني أن في الأمر مخالفة نظامية تحتاج إلى محاسبة.
أما اختلاف الأسعار فهو أمر يمكن تفسيره وارجاعه إلى عوامل عديدة ، منها موقع المنفذ التجاري، وطريقة عرض السلعة ، وكل ما يمكن أن يعود إلى تكلفة إضافية يضعها البائع على سعر السلعة ويدفعها المشتري لقاء تمتعه بميزات لا يوفرها البائع في المناطق أو الأسواق الشعبية ، فالأسواق المركزية توفر للمتسوق محيطاً ينظر إليه البعض أنه جزء من الراحة أو الترفيه أو التميز ، ولذلك هو على استعداد لأن يدفع أكثر ، وهذا طبيعي بحكم اختلاف مستويات الدخل بين طبقات المجتمع ، وكما يقال في المثل الشعبي ” كل حجرة لها أجرة “.
لكن بصورة عامة هناك ضوابط ومعايير اقتصادية عامة يفترض أن ينظر إليها المتسوق من المنافذ أو “أونلاين” من حيث ميزانيته وطريقة توزيع الدخل المتاح له بين بنود الاستهلاك المتعددة.
ويختتم حديثه بالتأكيد على أن الثقافة الشرائية هي جزء من الثقافة المجتمعية التي غالباً ما تغفل عن هذا الجانب خاصة في الدول التي يرتفع فيها الميل الحدي للاستهلاك وهي سمة ما يعرف بالمجتمعات الاستهلاكية التي ينخفض فيها معدلات الادخار العام ، وهو سلوك يتطلب توعية مجتمعية ممنهجة تتطلب وقتاً لترسيخ السلوك الرشيد الذي يضبط الاستهلاك ويعزز ثقافة الادخار ، وإن كانت التقلبات الاقتصادية التي يشهدها العالم ، تعمل على فرض ذلك كواقع يجب التعامل معه بجدية ووعي من جانب المستهلك في أي مجتمع.