عن الكلام ، قال الإمام علي بن أبي طالب: الرجال صناديق مغلقة مفتاحها الكلام ، وفي الشعر العربي قالوا : لا خيل عندك تهديها ولا مال. فليسعد النطق إن لم تُسعد الحال. وفي الأمثال الشعبية قيل: الكلام الحلو يسحب الحية من وكرها، فكم من كلمات بلسمت الجراح ونهضت بالمتعثرين، وكم من كلمات أشعلت الأزمات وأحبطت عزيمة المجتهدين، إنها الرصاصة المعجزة، السهلة الممتنعة التي تفتح قلوباً على وشك أن يتوقف نبضها وتغلق أفواهاً مريبة تكاد أن تقول خذوني.
حتى تثمر شجرة التواصل مع الآخرين وتدوم الألفة والمحبة بين الناس وتزهو الحياة على الأرض التي استخلف الله الانسان على إعمارها، لا بد لنا من تحسين أدواتنا في إدارة الأحاديث وتجويد المناقشات وتدريب أنفسنا على النطق برشاقة الكلمات وأناقة الحروف، فمن سمو الأخلاق وحسن التصرف أن ترد التحية بأحسن منها، وأن تشكر من أسدى إليك خدمة ولا تتنكر للمعروف ، وأن تعتذر لمن أسأت إليه ولا تخشى من الحرج والانتقاد ، وأن تنصح المراهق بحرفية عالية دون أن تجرحه وتصحح أخطاءه دون أن تفضحه، أن تمتدح من يحقق انجازات ويعلو به الهمم، أن تقول الحق ولا تخاف في الله لومة لائم، أن تحاور الطفل وتعزز ثقته بنفسه منذ المهد وتقرأ له قصة منذ عمر السنتين وتتبادل معه الرأي من عمر الثلاث سنين، أن تجيد ثقافة الاختلاف مع الآخر وتعزز مقولة “إن لم تكن معي فلا يعني أنك ضدي”، ألا ترفع صوتك أمام الناس بل أرفع مستوى كلماتك وصدى تفكيرك.
ولعله من المفيد أن نتذكر أن نقاء الصوت وسلامة الإلقاء، هي بصمة الانسان التي تميزه عن الآخرين ، فلها الأثر البالغ في التعبير والتفاهم مع العالم الخارجي ولا تقل أهمية عن محتوى ما نردده من جمل ومفردات، وقد كان رسول الله يحب صوت بلال الحبشي في الأذان ويقول له :”أرحنا بها يا بلال”.
اجعل من صوتك هويتك واحمِ حباله وأنسجته العضلية من التلوث البيئي وأمراض العصر وتناول المزيد من المياه والأطعمة الرطبة وتنفس الهواء العليل وتجنب الصراخ والتوتر ، ولا تنسى أن تغذيه بأصدق الكلام وأعمق المعاني التي تمكث في الأرض وتنفع الناس .
اللهم ارزقنا حلاوة اللسان وسحر البيان والطلاقة في التبيان.