أثناء رحلة عمل لي في إحدى المدن الاوروبية .. سألت عن مطعم متميز لتناول طعام العشاء انا وبعض الزملاء..كان الجو العام في المطعم يشعرك بالدفء .. وفي الخارج درجة الحرارة تحت الصفر بعشر درجات .. جاءنا الجرسون وجلس علي ركبتيه الى جانبنا ..
وسألنا ماذا نريد ان نأكل ..فقلنا له اين قائمة الطعام .. ابتسم وقال نحن هنا نقدم لكم تجربة جديدة .. انت تصمم طبقك المفضل بطريقتك وتقوم باعداده بنفسك بمساعدتنا .. ولحسن الحظ كان معي اكثر من خبير في اعداد الطعام من الزملاء واذكر منهم الاساتذة عبدالرحمن الهلالي وعصام السادات وغيرهم ..ووصفنا له ما نريد ان نأكل وطريقة اعداده .. وعرض علينا ان يرافقه احدنا الى داخل المطبخ لاعداد الوجبات وفعلنا ذلك .. وسألناه عن المقبلات .. فأجابنا بان الطبق سيكون مفاجأة .. وفعلا احضر لنا طبقا من صغار السلطعون ( ابو مقص صغير) لم تكتمل نمو قشرته او عظامه بعد ..ويمكنك التهامه دفعة واحدة .. وعندما جاء دور الاطباق الحلوة قلت له من باب الدعابة ..اريد آيسكريم بالكافيار .. وسجل طلبي ..وكانت المفاجأة انه فعلا اعد كأسا من الآيسكريم مخلوطا بحبيبات الكافيار .. لن انسي طعمه طوال حياتي.
يا سادة .. ما قدمه لنا المطعم من اكل وطريقة اعداده يندرج تحت مفهوم جديد اسميه انا مرحلة الاستمتاع المتكامل بالخدمة .. او اشباع المتعة.
عزيزي العميل .. هناك فرق بين المفهوم السائد ب ( تجربة العميل) وعما اسميه انا بمتعة الخدمة .. واقصد بالمتعة هنا هو الاحساس باللذة والانغماس فيها ..طعما ورائحة وملمسا وشكلا وصوتا وصورة الخ.. اما التجربة (فهي الشعور والانسجام مع ما يقدم لك من خدمات. ) .
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة.. هو كيف يمكن لمنشآت الخدمة ان تبدع في تقديم خدمات تصل بالعميل الي حدود المتعة .. ؟!
انني اري ان القرن 21 يتيح لنا فرصا غير مسبوقة وذلك عن طريق تقديم خدمات بتوظيف التكنولوجيا مع الذكاء الاصطناعي .. والتقليل من نقاط التماس بالبشر مع العميل .. حتي نتفادي تذبذب مستويات التعامل وما ينتج عنها من سلبيات ..
فمثلا توظيف تكنولوجيا الواقع الافتراضي المعزز في خدمات السياحة والسفر .. ونشر اجهزة المساعدات الصوتية في المحلات والبنوك والمطارات للاجابة علي استفسارات العملاء .. وتحويل عربات التسوق في البقالات الضخمة وجعلها ذكية تشرح للعملاء مكونات ومواصفات المواد الغذائية عند الارفف والممرات .. والتوظيف التفاعلي لتكنولوجيا الانصات الي العميل ومناقشة مرئياته والتواصل معه لمناقشة النتائج .. وتوظيف التكنولوجيا في منشآت الضيافة مثل تقديم الخدمات البشرية عن طريق الروبوتات ..
وغيرها من الامور الكثير .
واخيرا ..لكي تتحول المنظمات والمنشآت وتصبح مع زمرة المبدعين .. يجب ان تتمحور استرايجياتها في ثلاث نقاط .. اولا ..جعل العميل في قمة اولوياتها واهتماماتها .. وثانيا .. انشاء بنية تحتية رقمية قوية .. وثالثا .. ايجاد بيئة ومناخ وثقافة تنظيمية تدعم التكنولوجيا .
لا تنسوا ان تجربوا آيسكريم الليمون مع الكافيار .. وادعولي .