كيف تتجمع المياه الضخمة في السدود؟ وكيف تتكون الأنهار العظيمة؟ مياه السد تتجمع من مئات الأودية والشعاب.. والنهر العظيم تصب فيه آلاف الجداول والأنهار الصغيرة.. ولأننا شعب جُبِل على الكرم، واتصف بالعطاء، وخُلُقه الترفّع عن صغائر الأمور، والاستغناء عن طلب مفردات العملة، فلا ندقق في بقايا الريال، ولا نسأل أبن تذهب؟ وعند من تتجمع؟ ونخجل أن نطلبها وهي حق صريح واضح لنا.
إلا أن هذه الأخلاقيات شكّلت مداخل استغلها وافدون وكونوا منها ثروات في غفلة من زمن، وعدم وجود نظام يدقق خلفهم ويحاسبهم.. بل أصبحت مجالاً لتستر تحاربه كل أجهزة الدولة.. ذلكم كان مقدمة لحالة مسكوت عنها لعل الأجهزة المعنية تفتح ملفها.. ولنأخذ مدينة الرياض أنموذجاً.. وجانباً واحداً في خدمات هذه المدينة الجميلة وهو محطات تزويد صهاريج الماء.. ففي كل ناحية في الرياض هناك ما يسمى محطة (شيب أو عدة أشياب) لتعبئة الصهاريج بالماء.. وبدورها تبيع الصهاريج الماء للمواطن بسعر محدد مسبقاً.. فمثلاً صهريج يباع بـ 124.20 ريال شامل الضريبة.. لكن الواقع يقول إن المواطن يدفع 125 ريالاً، لماذا؟ لأن سائق الصهريج ليس معه جهاز (مدى) للخصم، وليس معه هللات.. أي أن هناك 80 هللة في كل صهريج.!! تقول له: هل أدفع لك 124 ريالاً يرد لا، لأني أحاسب شركة المياه على 125 ريال.. تطلب فاتورة فتجد أنه كتب فيها 124.20 ريال.. هنا تبدأ قصة أخرى هي ما نتوقع أن تكون فاتحة لاكتشاف مخالفات كبيرة تطال هذا النشاط.. وهنا نطرح أسئلة: لمن تذهب الثمانين هللة؟ وإذا قلنا إنها تتجمع في يد واحدة فنحن أمام مبلغ شهري ضخم، ومبلغ سنوي يتجاوز المليون ريال.. كل هذا المال يتجمّع في خزينة واحدة.. وهذا نتيجة استهانتنا بالـ 80 هللة..
وعودوا إلى ما ذُكِر في البداية عن كيفية تجمّع مياه السد الكبير، ومياه النهر العظيم..
يضاف إلى ذلك أنه في عالم صهاريج الماء هناك تستر يتمثل بتأجير صهريج الماء لوافدين يعملون في المحطة، تماماً كما تؤجر سطحة نقل السيارات لوافدين.. !!
لعل نزاهة بما عُرِف عنها من جدية وصرامة تقتحم هذه التجارة وتكشف أسرارها، ومثلها كذلك تجارة نقل السيارات أو ما يسمى (السطحات).. فكلا النشاطين مازال العاملون الفعليون (على أرض الواقع) فيهما من غير المواطنين، وهم لذلك لا يستلمون الأموال إلا نقداً.
ogaily_wass@