يقال في الأمثال الشعبية “إن القوة في اللقمة ، واللقمة لا تحلى ولا تطيب إلا بوجود الحبيب” ، فمن غير طعام متكامل العناصر الغذائية ، فإن الجسم يبقى هزيلاً ومناعته تظل ضعيفة ، هذا بالنسبة للانسان وهو في مقتبل العمر وفي مرحلة الشباب فما بالك بكبير السن الذي تأخرت صحته الجسدية وتكاسل جهازه الهضمي وقلت شهيته للطعام ألا يفترض أن يراعى نظامه الغذائي حتى يحيا سليماً معافى ويمارس حياته بجودة واقتدار؟.
ولمّا يشاء الله أن يصل بالإنسان إلى أرذل العمر ويبلغ من العمر عتياً ، فإن كبير السن كثيراً ما نراه يعاني من الضغط والسكر وأمراض القلب وهشاشة العظام وسلس البول وقد تبدو عليه الترهلات في قوامه والتجاعيد في وجهه وقد يصاب بالنمش الشيخوخي (التصبغ الجلدي ) ، ويضعف بصره ويخف سمعه وقد يصل به الحال إلى أن يفقد ذاكرته ويصاب بالخرف ، وهنا يكون من حقه علينا أن نرد له جميل معروفه ونخدمه بمحبة واخلاص ونصون حالته النفسية ونلبي احتياجاته الجسدية من مأكل ومشرب وصحة منزلية .
يتوجب علينا أولاً أن نهتم بصحة فمه وأسنانه ونعالج ما طرأ عليها من نخر وتسوس ليصبح أكثر قدرة على المضغ الجيد للطعام ، وان نهتم بنوعية الغذاء الذي يمده بالطاقة والحيوية وسهل الامتصاص فلا يسبب له تلبكا معويا ولا تهيجا في القولون ، حيث لا قدرة له وهو في هذا العمر أن يتناول السمن البري (البلدي ) ،والحليب الدسم والعصائر المحلاة والمشروبات الغازية والأطعمة المقلية والحارة والمعلبة ، والوجبات السريعة والتسالي المالحة ، فمعظمها تسبب له عسر هضم وإمساكا ومن ثم ألم وغثيان ، وبدلاً عن ذلك ، فإن المسن كما الأطفال وكما الذين يتبعون حمية يحتاج إلى وجبات خفيفة وطعام مسلوق يخلو من الدهون المشبعة ويمنع الحموضة ، ويحتاج إلى الشوربات أكثر من حاجته إلى الأطعمة الجامدة ، و إلى الأطعمة الغنية بالألياف والمعادن مثل الزنك والسيلينيوم التي تحسن المناعة وتقلل العدوى الفيروسية والجرثومية، يحتاج إلى الخضار والفواكه الطازجة التي تمده بالحديد والكالسيوم والفيتامينات المضادة للأكسدة والخدر وفقر الدم ، يحتاج إلى اوميغا 3 التي تفيد دماغه وتحافظ على ذاكرته، ويحتاج كثيراً جداً إلى الماء الذي قال فيه الله جلت قدرته ” وجعلنا من الماء كل شيء حي ” صدق الله العظيم .
والداي الكرام يا أحق الناس بحسن صحابتي ، كم دعوت الله أن يطيل في أعماركم لأكحل عيوني برؤيتكم مع كل صباح ولكي أحظى بشرف خدمتكم وأنتم تتقدمون في السن ، فتمضي شيخوختكم بهدوء وانسياب من غير متاعب ولا أنين ، وكم تمنيت لكم أن يتحقق رجاء الحكمة اليونانية التي تقول :” الهي دعني أموت شاباً ولكن بعمر أطول ” ، ولكن اقتضت مشيئة الله أن ترحلا في عمر أقصر ،وأحرم من أمان وجودكم وعظيم برّكم.