الدولية

تمويل الجامعات .. حيلة قطرية بائسة لتسميم آراء النخب الأمريكية

جدة ــ وكالات

منذ مقاطعة دول الرباعي العربي لقطر بسبب دورها الداعم للإرهاب، وهي تسلك طرقا “بائسة” لكسب ود واشنطن، وسعت لذلك عبر قنوات عدة تضمنت مجموعات الضغط والشخصيات ذات النفوذ في دائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصولا إلى الجامعات الأمريكية، ما أثار الريبة لدى المراكز البحثية والمراقبين للتأثير الأجنبي على المؤسسات الأمريكية.

وسلطت دراسة لمؤسسة مشروع الرقابة الحكومية “POGO” الضوء على الدور القطري في المؤسسات الأكاديمية الأمريكية، حيث كشفت أن الدوحة مولت جامعات ومراكز بحثية في أمريكا خلال الفترة من 2011 وحتى 2017 بأكثر من مليار دولار، متفوقة على أي دولة أخرى.

واثار التمويل القطري المشبوه للجامعات والمراكز البحثية الأمريكية، حفيظة الديمقراطية جاكي سبييه، عضوة مجلس النواب الأمريكي خوفا من تضارب المصالح بشأن تبرعات لم يتم الإفصاح عنها، حيث اقترحت قانونا يلزم الكشف عن جميع التمويل الأجنبي الذي تم تلقيه في العامين الماضيين.

اقتراح عضوة “النواب الأمريكي” جاء بعدما علمت أن القطريين يمولون جامعة جورجتاون، التي يساهم خبرائها في تشكيل آراء الكونجرس، قائلة “في حين أن هذا التمويل قد شوه شهادة هؤلاء الشهود، يجب أن يتم الكشف عن هذا الدعم المالي للأعضاء لتقييم النزاعات المحتملة بشكل مناسب”.

ويبدو أن عضوة الكونجرس كشفت الألاعيب القطرية لتسميم آراء النخب الأمريكية، حيث رفضت ضخ أموال الحمدين في جامعات أمريكا، بعدما تأكد استخدامها للتأثير على سياسات الإدارة الأمريكية لصالحها.

وكشف تقرير “POGO” أن قطر استخدمت بروفيسور في جامعة جورجتاون وزميل قديم في معهد بروكنغز، وهو الدكتور دانيال بيمان، بعدما أدلى بشهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب حول “العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة لمكافحة الإرهاب”، حيث استغلتهم إمارة الإرهاب لتبييض سمعتها الملوثة بدماء الأبرياء، فيما حاولت الإساءة لدول المقاطعة العربية وإلصاق جرائم الحمدين بها.

وخلال شهادته أمام الكونجرس في مايو 2016، لم يتضمن بيان “الحقيقة في الشهادة” للبروفيسور بيمان أي إشارة إلى علاقة جورجتاون المالية الكبيرة مع قطر، ما يكشف أن نظام الحمدين سعى لإخفاء التعاون المالي مع الجامعة الأمريكية، من أجل استمرار تأثيرها على سياسات الكونجرس من خلال خبراء “جورجتاون”.

وذكرت الدراسة الأمريكية أن دولة مثل قطر تنفق ملايين الدولارات الأخرى على جماعات الضغط وشركات العلاقات العامة لضمان سماع رسالتها من قبل أعضاء الكونجرس والشعب الأمريكي على حد سواء.

وأشارت إلى أنه عادة ما يتم إعفاء الجامعات من التسجيل بموجب القانون، لكن الخط الفاصل بين البحث الأكاديمي والتأثير السياسي ليس واضحًا دائمًا، مشددة على أنه من المهم للغاية بالنسبة للكونجرس أن يفرض كشف الحقيقة في إفادات الشهود عندما يظهر شهود غير حكوميين.

وتابعت “بالمثل، من المهم للجامعات أن تتحكم في نفسها وأن تضمن عدم استغلال الحكومات لهذه الشراكات كطريقة للوصول إلى معلومات سرية أو حساسة، فعندما تكون هذه المدارس تتغاضى عن تمويل المشاريع مع حكومة الولايات المتحدة والحكومات الأجنبية، من الأهمية الحفاظ على الفصل بين المعلومات والتكنولوجيا”.

وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات أهمها: خفض الحد الأدنى للإبلاغ عن المنح الأجنبية، وأن يضمن كل من الكونجرس والهيئة التنفيذية أن تكون هذه العلاقات المالية شفافة قدر الإمكان. تحقيقا لهذه الغاية، نوصي بتخفيض الحد الأدنى للإبلاغ عن المنح الأجنبية من 250 ألف دولار سنويًا إلى 50 ألفًا.

كما تضمنت التوصيات مطالبة الشهود في مجلس الشيوخ بتقديم “الحقيقة في الشهادة”: في الوقت الحالي، تنطبق قاعدة “الحقيقة في الشهادة” فقط على الشهود غير الحكوميين الذين يظهرون أمام لجان مجلس النواب.
ونوهت مؤسسة “”POGO” بأنه لا توجد قاعدة مماثلة في مجلس الشيوخ، رغم وجود نفس المخاوف، مشيرة إلى ضرورة أن يتبنى قاعدة (مُحدثة) من قاعدة النواب لضمان أن شهوده يكشفون عن أي تضارب مصالح محتمل ينشأ عن علاقات مالية مع حكومات أجنبية.

ونصحت الدراسة بضرورة توسيع قاعدة “الحقيقة في الشهادة” ليشمل كل التمويل الأجنبي، وليس فقط المرتبط مباشرة بموضوع الجلسة: في حين أن القانون يغطي معظم المخاوف المباشرة المتعلقة بتضارب المصالح المتعلقة بالحكومات الأجنبية، إلا أنه يفشل في فهم النطاق الكامل للنفوذ الأجنبي، لذا يجب أن يُطلب من الشهود غير الحكوميين الكشف عن طبيعة علاقتهم مع جميع مانحيهم الأجانب لمنع ظهور أي تضارب.

يذكر أن ديفيد ريبوي، الباحث بمجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن، سلط في مقال سابق الضوء على الدور الذي لعبه النظام القطري خلال السنوات الأخيرة في النفوذ الخارجي بعدائية كما لم تفعل أية دولة أخرى، كاشفا عن أن تنظيم الحمدين دفع مبالغ مالية كبيرة لوسائل إعلام ومراكز بحثية إضافة إلى شراء اللوبيين والشخصيات المؤثرة، لا سيما حملات القرصنة والتجسس الإلكتروني.

وفي مقال آخر أشار الباحث الأيرلندي مايكل فولي، في تقرير له نشرته صحيفة “ذا إيريش تايمز” الأيرلندية، إلى محاولات حكام الدوحة البائسة لتحسين صورتهم المتدهورة في مجال حرية الإعلام، عبر إنفاق أموال ضخمة على المؤسسات التعليمية الغربية الكبرى – المتخصصة في الدراسات المتعلقة بهذا المجال – لإغرائها بإقامة فروع لها في قطر، مثل كلية ميديل للصحافة التابعة لجامعة نورث ويسترن، التي يوجد مقر لها في الدوحة تحت مسمى “المدينة التعليمية”، حيث تجاور 5 جامعات أمريكية أخرى، تمول بالكامل من حكومة تميم.

ولفت فولي إلى أن بيانات وزارة التعليم الأمريكية أواخر العام الماضي، كشفت أن الدوحة دفعت مليار دولار لجامعات مرموقة في الولايات المتحدة منذ عام 2011، وذلك ضمن حملة السيطرة والتأثير على الدوائر السياسية والأكاديمية هناك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *