إن المورد البشري هو أهم الموارد الموجودة في دول العالم، فهو الصانع والغاية والهدف والقاطرة لكل عمليات البناء والتنمية والتطور . ويُقصد بتنمية الموارد البشرية عملية تطوير قدرات ومهارات ومعارف العاملين بالمنشأة وإعدادهم إعداداً صحيحا يتسق مع أهداف المنشأة وفي ذات الوقت يلبي طموحات العاملين ويشبع حاجاتهم.
ومن هذا المنطلق فقد أفردت رؤية 2030 أهمية خاصة لتطوير الموارد البشرية لا سيما في القطاع الحكومي حيث ورد فيها (لا نزال في حاجة إلى تحديد أفضل الممارسات وتطبيقها للتأكد من أن موظفي القطاع العام يمتلكون المقومات والمهارات اللازمة للمستقبل. ولذلك، سنقوم بتدريب أكثر من (٥٠٠) ألف موظف حكومي عن بعد وتأهيلهم لتطبيق مبادئ إدارة الموارد البشرية في أجهزتنا الحكومية بحلول عام (1442ه – 2020م……..إلخ).
وهنالك عدة أساليب لرفع إنتاجية العاملين وخلق التميز في أدائهم منها اتباع نهج التواصل الإنساني معهم والاهتمام بحل مشكلاتهم وإشعارهم بالولاء للمنشأة وتحديد واجبات العمل اليومي والشهري لكل عامل على حدة ومكافأتهم مالياً نظير إتقانهم لمهامهم وفهم وتقدير الفروق الفردية بينهم وبث ثقافة المسابقات وتنفيذها في أوساطهم واختيار الحافز المناسب للمتميزين وفتح مجال للتطوير والترقيات وإنشاء بيئة عمل متينة تساعد على احترام العمل وتطوير مساره بشكل مرن متجدد بعيداً عن الروتين وتعيين مديرين أكفاء لإرشاد العاملين وتوجيههم التوجيه السليم، وفوق ذلك كله الاهتمام بعملية التدريب وغيرها.
إن نهج التميز والجدارة والإبداع مطلوب من كافة العاملين لا سيما في القطاع الحكومي، فالعاملون جميعاً ينبغي عليهم أن يتقمصوا دور الشركاء في نهضة وطنهم، لا دور الأُجراء الذين لا هم لهم إلا تثبيت بصمة الحضور والانصراف انتظاراً للمعاش الشهري دون مساءلة أنفسهم ماذا أضافوا ما جديدهم وما ابتكارهم في مواقعهم وفي أعمالهم؟ فالنظرة إلى الوظيفة باعتبارها مشروعاً إعاشياً فقط، هي نظرة ضيقة للعمل وآن لها أن تندثر من حياتنا الثقافية وأن تصبح مؤسساتنا ودوائرنا الحكومية ساحة للإبداع وتقديم الإضافات المميزة.
لقد حان الوقت لاسيما ونحن نحصد بشريات رؤية 2030 الطموحة، لنجعل من ثقافة الإبداع والجدارة قيماً مضافة إلى العمل، لأنها لم تعد خياراً في عالم اليوم وإنما أضحت ضرورة لتقدم الدول ورفاهية الشعوب، فينبغي علينا التركيز على زيادة الاستثمار في البحث والتطوير العلمي لأنه أحد دعائم الابتكار والإبداع، بجانب الاهتمام بالمؤسسات العلمية والتعليمية، فالعلم هو أساس العمل الخلاق، كما أن من واجب الدولة رعاية الموهوبين واحتضانهم لأنهم يمثلون ثروة وطنية ينبغي الحفاظ عليها وتطويرها. وفوق ذلك كله فعلى الجميع استشعار المسؤولية والرقابة الذاتية والحس الوطني في العمل وإتقان المهام والواجبات بإبداع وجدارة بعيداً عن الأنماط الجامدة المتحجرة.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@