يجب التنويه بأن هذه ليست شكوى بل هي قضية ممارسات تؤرق متلقي الخدمات في القطاع الصحي أطرحها هنا للنقاش والتعامل معها بوعي ومهنية .. بهدف إيجاد نظم وتشريعات صحية عادلة.
وما دعاني إلى أن أكتب هذا الموضوع هو ما شاهدته باندهاش وتعجب وألم .. من أصباغ دموية قاتمة الازرقاق على ذراع صديقي الذي غادر المستشفى حديثا .. وكأنها وشم عشوائي مشوه .. رسمه جاهل بأصول المهنة والتي كانت بسبب البحث عن عروق وأوردة وشرايين لتغذيته بالدواء والسوائل والمحاليل .. والكثير منها تسرب تحت جلده .. وأوقع اثرا بالغا كاد ان يفقد ذراعه .. ولا أعلم لماذا لم تستعن المستشفيات بتقنيات متطورة لتفادي مثل هذه المعاناة.
وانتقل صديقي بعد فترة إلى مستشفى آخر خاص .. ودخل في دوامة أخذ الموافقات النظامية من شركة التأمين على إجراء الأشعات والمناظير والقساطر المطلوبة من قبل الطبيب المعالج .. والتي كان من نتاجها رفض بعضها من قبل شركة التأمين .. واضطرار الطبيب المعالج للاستسلام لقرار شركة التامين أو هكذا يتراءى للمريض .. لأن مناقشة هذه المواضيع مع المرضى تكاد أن تكون مختزلة أو معدومة .
إنني أدرك ان بوالص التأمين لها شروط مخفية وسقف مالي محدد .. إلا انني لا أفهم مدى نجاعة تلك القرارات العلاجية البديلة لعدم مناقشتها مع المريض وعرض خيارات الدفع من جيبه أو الموافقة على البدائل .. حيث أن التواصل الفعال مفقود بين كثير من الاطباء ومرضاهم نظرا لانشغالهم أو عدم قدرتهم على نصح المريض بموضوعية ووضوح ..
والقضية الثالثة .. هي سلوك بعض الأطباء الاستشاريين في تطبيق مبدأ .. ذهب ولم يعد .. أي بعد إجراء العمليات الجراحية ايا كان نوعها .. وبعد الزيارة الأولي يختفي الاستشاري ولا يوجد من يجيب بكفاءة وإقناع على أسئلة المريض.
هذه القضايا وغيرها الكثير أجدها تؤرق البشر والحجر في نظم الرعاية الصحية وجودة خدمات التمريض وعدالة شركات التامين والمستشفيات في التعامل مع المرضى وفق أبسط حقوقهم الإنسانية .. ألا وهي الطمأنينة أنهم في أيد أمينة.
وبصفتي المتلقي والمستفيد لخدمات الرعاية الصحية والتداوي أجد أنني محق في المطالبة لتحقيق ثقافة مجتمعية لتقنين هذه الحقوق والعلاقات .. حيث أصبح المريض يعرف حقوقه .. ويعرف معلومات كثيرة عن مرضه وطرق العلاج والبدائل المتاحة التي يجب أن يناقشها معه الطبيب وأيهم انجع في علاجه .. وأيضا يعرف أحدث التقنيات المتوفرة للفحص والتشخيص دون ألم ومعاناة له .. ومن حقه أن يسال .. أين هي هذه التقنيات ولماذا لا توفرها المستشفيات بعد إجازتها من جهات الاختصاص .. ولماذا يجد المريض صعوبة وحيرة في التواصل مع طبيبه عبر التطبيقات والوسائط .. ومن حقه أن يسأل .. لماذا تخلفت معظم مستشفياتنا عن تطبيق مفاهيم وتقنيات التطبيب عن بعد .. الخ.
وأخيرا .. يجب أن اشيد بكل جهود وزارة الصحة في النهوض بمعايير الرعاية الصحية العادلة التي أحدثتها في القطاعين الخاص والعام والتي كان من أبرزها التعامل مع جائحة كورونا .. وخدمات 937 الهاتفية .. ومراكز الاحياء الطبية.