البلاد – مها العواودة
أشاد خبراء اقتصاديون بالرؤية الاستراتيجية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين- حفظهما الله – لمستقبل التنمية الحديثة والاقتصاد غير النفطي المستدام. وأكدوا في تصريحات لـ”البلاد” أن استراتيجية الرياض، التي أعلن عنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ستغير من مفهوم دور المدن في التنمية، وتعزيز جودة الحياة، لافتين إلى أن هذه الاستراتيجية طموحة ومفاجئة بشكل مبهر للسعوديين والعالم، لتكون الرياض من أكبر 10 اقتصادات مدن في العالم، وبالتالي دفع خطوات النمو للناتج المحلي وجذب الاستثمارات وخلق الوظائف.
بداية، يرى الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى د. فضل بن سعد البوعينين، أن وضع استراتيجيات تنمية المدن الكبرى أحد ركائز التنمية الحديثة، التي يقودها سمو ولي العهد، والتي تجمع بين التنمية الاقتصادية؛ وجودة الحياة؛ وتعزيز البيئة وحمايتها، وكون الرياض العاصمة وأكبر المدن احتضانا للسكان ولما تشكله من 50% من الاقتصاد غير النفطي بالسعودية، فقد استهدفت أولًا بتحقيق الاستراتيجية التنموية التي تستهدف تحويلها إلى واحدة من أكبر 10 اقتصادات مدن في العالم، وهو هدف طموح يحتاج إلى كثير من العمل المنظم. وأضاف:” مانراه اليوم من متغيرات تنموية في الرياض ومشروعات نوعية تعزز فرص تحقيق ذلك الهدف الطموح”، مشيراً إلى أن ركائز الاستراتيجية تعتمد على التنمية الاقتصادية أولًا، وتعزيز مكانة الرياض الاقتصادية من خلال بناء مدينة صناعية وتطوير قطاعات الصناعة والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا والتحول الرقمي.
وتابع” كما أن الجانب البيئي من الركائز المهمة للوصول إلى تحسين جودة الحياة من خلال المشروعات البيئية الكبرى، والمتنزهات، وتعزيز قطاع التعليم؛ لينعكس إيجابًا على الشباب الذي يمثل الشريحة الأكبر من السكان، ومن الركائز أيضًا تعزيز القدرة الاستيعابية، وتطوير البنية التحتية لمضاعفة عدد السكان إلى 15 مليون نسمة.
مكانة اقتصادية عالمية
وعن أسباب اختيار العاصمة الرياض، قال: “أولًا حجم المدينة وعدد سكانها الذي يصل إلى 7.5 مليون نسمة، وأنها تشكل 50% من الاقتصاد غير النفطي بالسعودية، كما أن تكلفة التنمية فيها ربما كانت أقل بنسبة 30 % عن المدن الأخرى، كما أشار بذلك ولي العهد، خاصة وأنها تتميز ببنى تحتية مكتملة.
كما لفت إلى أن إنشاء أكبر مدينة صناعية في الرياض سيعزز من مكانتها الاقتصادية وتكاملها الاقتصادي، وأن استراتيجية الرياض ستسهم- بلا شك- في خلق فرص اقتصادية نوعية وستعزز النمو الاقتصادي عمومًا، والصناعي والسياحي والاستثماري على
وجه الخصوص.
وعن تصريحات ولي العهد حول خطط إنشاء محميات ضخمة حول الرياض لتحسين وضعها البيئي، قال البو عينين: إنها من أهم مكونات الاستراتيجية المستقبلية لما لذلك من انعكاس على درجات الحرارة وسلامة البيئة من الملوثات وخلق مواقع بيئية جاذبة للسياحة والتنزه، كون إنشاء المحميات والمتنزهات العامة الضخمة من أركان المدن الحديثة وأهمها على الإطلاق ، مؤكداً أن استراتيجية الرياض هي باكورة استراتيجيات التنميةن التي يقودها سمو ولي العهد، والتي انبثقت عن رؤية 2030 وستتبعها استراتيجيات أخرى ستسهم في تطوير مدن ومناطق المملكة على أسس علمية حديثة وبما يرفع من مستوى المعيشة وجودة الحياة ويعزز الاقتصاد ويضبط التنمية المستقبلية ببرامج ورؤى محددة لضمان المخرجات .
تنمية وازدهار مستدام
ويقول الخبير الاقتصادي والاستراتيجي اللبناني البروفيسور جاسم عجاقة:” من المعروف في علم الاقتصاد أن المناطق الحضرية تلعب دورًا أساسيًا في تحريك عجلة الاقتصاد وإيجاد أماكن للتواصل والإبداع والابتكار، والتي تزيد حكمًا من الناتج المحلّي الإجمالي للدولة، فمبدأ المناطق الحضرية أثبت فعّاليته في الولايات المُتحدة الأميركية، وفيما يسمّى بالمدن الصناعية أو المدن التكنولوجية وغيرها، من هنا تأتي أهمية الخطة السعودية بجعل عاصمة المملكة الرياض لاعباً أساسياً في الاقتصاد غير النفطي السعودي مع العديد من المشاريع الأخرى؛ كمشروع نيوم على سبيل المثال، لا الحصر”.
ويرى أن هذا المشروع حيوي من خلال أهداف تسعى إليها المملكة أهمها: تنويع الاقتصاد بين نفطي وغير نفطي، وتحقيق التنمية المُستدامة، وحجز مقعد متقدم في الحلقة التنافسية الاقتصادية عالميًا، مشيرًا إلى أن مشروع جعل الرياض من أكبر المدن الاقتصادية عالميًا هو مشروع طموح ومُبرّر اقتصاديًا بنظرية المدن التي تعتمد على ثلاثة مقومات أساسية: توافر رأس المال البشري ونشر المعرفة، وسوق التوريد، وازدهار سوق العمل.
وتابع “وهذا الأمر يعود بالفائدة أولاً على اللاعبين الاقتصاديين، أي الشركات والأسر وهو ما يؤدّي إلى زيادة الناتج المحلّي الإجمالي، وهنا يأتي دور السياسات الاقتصادية الحكيمة التي تعتمد على الاستشراف والتخطيط إذ تقوم السلطات بتأمين ما يحتاجه المشروع من بنى تحتية وتسهيلات إدارية وتنظيمية”.
من جانبه، قال الخبير في الاقتصاد السياسي البروفيسور بيار الخوري: إن المقاربة التي تحدث بها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن دور المدن في التقدم الاقتصادي وإنتاج القيم الاقتصادية هي مقاربة حديثة تنهل من التطورات الاقتصادية الهائلة التي فتحت الباب واسعا لها الثورة التكنولوجية والاقتصاد الرقمي ، مشيرا إلى أن المدن الحديثة باتت حاضنات عالمية تعرف بحجم مساهمتها في النمو التكنولوجي وبعلاقة هذا النمو المقارنة مع مدن ذات طابع عالمي موازية وأن اختيار الرياض يعكس أفضليات هذه العاصمة وعلاقتها بالاقتصاد الدولي، لا فقط لناحية الاقتصاد النفطي، بل وبشكل خاص النمو الحضري، الذي شهدته المدينة كمدينة عالمية ذات خصائص سعودية وخليجية ثقافية وتنموية ودينية.