واشنطن ــ وكالات
فضح تقرير حديث صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية أوضاع حقوق الإنسان بالعراق في ظل سيطرة المليشيات الإيرانية على المشهد هناك، حيث تسود عمليات القتل والتعذيب والاختفاء القسري وتجنيد الأطفال وتقييد حرية التعبير
ولم تتوقف مليشيا الحشد الشعبي التابعة لإيران منذ تأسيسها بفتوى من المرجع الشيعي علي السيستاني عن انتهاك حقوق الإنسان وقتل المدنيين وتنفيذ اعتقالات عشوائية في صفوف المناهضين لها والنفوذ الإيراني في العراق، إضافة إلى استخدام الأحزاب الموالية لإيران هذه المليشيات في تصفية معارضيها، وتنفيذ عمليات اغتيال واسعة ضد الناشطين والصحفيين، وكل من يطالب بإنهاء النفوذ الإيراني في العراق.
وبحسب التقرير ما زالت مدينة البصرة جنوب العراق تعاني الاعتقالات العشوائية التي تواصل المليشيات الإيرانية من يوليو الماضي تنفيذها ضد المتظاهرين من سكان المدينة، الذين يطالبون الحكومة العراقية بتوفير الخدمات وفرص العمل وإنهاء دور إيران ومليشياتها في العراق.
وليست البصرة وحدها فمدن العراق الأخرى خصوصا بغداد والموصل وديالى والأنبار وصلاح الدين والنجف وكربلاء والعمارة والديوانية تعاني هي الأخرى حملات الإخفاء القسري التي يتعرض لها الناشطون من أبناء هذه المحافظات، وعمليات اعتقال الشباب وتلفيق التهم لهم لمحاكمتهم محاكمة عسكرية من قبل هذه المليشيات دون العودة إلى القضاء، لأن المليشيا الإيرانية لا تخضع للقوانين الصادرة عن القضاء والحكومة العراقية.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة العراقية لم تتمكن حتى الآن من السيطرة على بعض عناصر قوات الأمن، خصوصا مليشيات الحشد الشعبي، ويضيف “تشير التقارير إلى حصول أعمال قتل تعسفية على يد بعض أفراد المليشيات الإيرانية”.
وكانت مليشيات الحشد الشعبي قد افتتحت العشرات من المعسكرات ومراكز التدريب الخاصة بتجنيد الأطفال وتدريبهم ومن ثم إرسالهم إلى سوريا ولبنان واليمن للقتال في صفوف المليشيا الإيرانية، وتحرص طهران ومليشياتها على أن تكون تلك المراكز في شكل مدارس شرعية ومراكز تدريب تستهدف تجنيد العراقيين من سن السابعة وحتى ١٧ عاما.
وتنتشر المدارس والمراكز في بغداد وغالبية المحافظات العراقية، وتعمل على غسل أدمغة الأطفال، وكسب ولائهم العقائدي والسياسي، ويتولى ضباط من فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري التدريس فيها.
وتنظم هذه المراكز رحلات سفر لهؤلاء الأطفال إلى إيران، بهدف تجنيدهم في صفوف فيلق القدس وجهاز الاستخبارات، واستخدامهم لتنفيذ عمليات استخباراتية وعسكرية في دول المنطقة.
وكشف التقريرعن عمليات تجنيد غير مشروع للأطفال، أو استخدامهم من قبل وحدات تابعة للحشد الشعبي متحالفة مع إيران وتعمل خارج سيطرة الحكومة.
ووصلت عمليات الاغتيال والاعتقالات والاختفاء القسري وقمع المتظاهرين التي نفذتها فرق الموت التابعة للمليشيات الإيرانية في العراق خلال الأشهر الماضية إلى ذروتها، فحسب إحصائيات عراقية رسمية قتل خلال الأشهر الماضية من المتظاهرين في البصرة لوحدها أكثر من ٢٢ متظاهرا، وأصيب أكثر من ٦٠٠ آخرين بجروح.
وشهدت بغداد الصيف الماضي اغتيال 3 نساء ناشطات، هن وصيفة ملكة جمال العراق السابقة تارة فارس، ومديرتي أبرز مركزي تجميل في بغداد، الأولى هي الدكتورة رفيف الياسري صاحبة مركز باربي، والأخرى هي رشا الحسن صاحبة مركز فيولا، أما البصرة فاغتالت فرق الموت فيها ٤ ناشطين بارزين، هم محامو الدفاع عن المتظاهرين جبار عبدالكريم، والناشطة سعاد العلي، والمعاون الطبي حيدر شاكر، ووسام الغراوي.
ومن بين القضايا التي أدرجتها الخارجية الأمريكية ضمن تقريرها السنوي تمثلت بوجود قيود مفروضة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت في العراق، إضافة إلى قيود قانونية على حرية حركة المرأة وفساد رسمي واسع النطاق.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أعربت في الأول من مارس الجاري عن قلقها البالغ إزاء مشروع قانون جرائم المعلوماتية الذي أودع البرلمان العراقي في رسالة مفتوحة موقعة من 9 منظمات غير حكومية أخرى، وقدمت الرسالة إلى السلطات العراقية، محذرة أن “القانون المقترح سيخلق مناخاً من الرقابة الذاتية في البلاد”.
وأكدت رازاو صالحي الباحثة المعنية بالعراق في منظمة العفو الدولية، في تصريح نشر على موقع المنظمة الأممية المذكورة أن “إقرار هذا القانون الصارم للجرائم الإلكترونية سيكون بمثابة صفعة قاسية لحرية التعبير في العراق، فصياغة القانون الفضفاضة تعني أنه يمكن بسهولة أن يصبح أداة للقمع في بلد حيث المساحة الخاصة بالأصوات الناقدة مقيدة بشدة بالفعل”.
وتسعى مليشيات الحشد الشعبي والأحزاب العراقية التابعة لإيران إلى استنساخ التجربة الإيرانية في العراق في مجالات الحياة كافة، بما فيها مجال قمع حرية التعبير والإنترنت، فالنظام الإيراني يعتبر الأكثر قمعا لحرية الإنترنت والإعلام، لحجبه مواقع التواصل الاجتماعي وفلترة المواقع الإلكترونية واعتقال نشطاء الإنترنت والصحفيين.