جدة – عبدالله صقر
منذ نهاية العام 2019، والعالم بأسره ما زال يئن تحت وطأة جائحة كورونا(كوفيد-19) التي تسببت في الكثير من الوفيات والإصابات حول العالم وتعطيل سبل الحياة بإقفال المحلات والأنشطة ، وفي وسط هذا الوضع المتأزم تصدت المملكة للجائحة بإجراءات احترازية ووقائية فاعلة، وحققت نجاحاً كبيراً يضاف إلى إنجازاتها المتعددة.
وتعد أزمة كورونا من أشد الأزمات التي مرت على العالم على مر التاريخ حيث استطاعت المملكة أن تتعامل معها وتستوعبها وتديرها ببراعة شهد لها العالم كله، كما قال سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يحفظه الله:” إنه على الرغم من الجائحة، وبشكل نسبي مع نظرائنا في مجموعة العشرين، فإننا نعدُّ أحد أفضل 10 دول في التعامل مع التبعات الاقتصادية لجائحة كورونا في مجموعة العشرين “.
نجاح المملكة تخطيطاً وإدارة
ويرجع نجاح المملكة في إدارة أزمة كورونا إلى أسباب عدة؛ أولها إدراك القيادة الحكيمة بما حباها الله من بعد نظر واستشراف للمستقبل، مدى خطورة الفيروس، فبادرت إلى مبدأ السلامة باتخاذ العديد من الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية؛ حتى قبل إعلان منظمة الصحة العالمية في 11 مارس 2020 تصنيف انتشار الفيروس بالجائحة العالمية.
والسبب الثاني، يعود إلى أن القيادة وضعت في تعاملها مع الجائحة خطاً أحمر، وهو “الإنسان أولاً ” حرصًا منها على سلامته أياً كانت جنسيته أو دينه؛ لذلك ركزت في كل تدابيرها ومبادراتها على قاعدة الحفاظ على الإنسان؛ مهما كلف ذلك من نفقات وتدابير فشرعت في 2 فبراير 2020 في إجراءاتها الوقاية عبر إجلاء طلابها المبتعثين وأعضاء البعثة التعليمية، من الصين وعلقت الطيران منها وإليها، كما أسهم أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، يحفظه الله، في علاج المواطنين والمقيمين مجاناً.
ويرجع السبب الثالث إلى الخبرة السعودية والمتميزة عالمياً في مجال طب الأوبئة، خاصة تجربتها مع فيروسات كورونا التي تعود إلى العام 2012م.
142 مبادرة وتخصيص 214 مليارا
تأكدت القيادة الرشيدة، منذ اللحظة الأولى للجائحة يقيناً أن القطاع الخاص سيكون في مقدمة القطاعات التي ستعاني من آثارها ، وبالتالي ركزت جهودها على اتخاذ كل ما من شأنه دعم المواطنين والقطاعات المتأثرة في هذه المرحلة الاستثنائية بهدف العبور من هذه الفترة الصعبة ودعم الأفراد والمستثمرين كذلك، وتعزيز مستويات السيولة في الأسواق، والمحافظة على الوظائف في سوق العمل. والملاحظ أن أسواق المملكة لم تهتز خلال فترة الإغلاق، ولم يشهد المواطن والمقيم أي نقص في المعروض من السلع الغذائية أو غيرها، فقد نجحت جهود القيادة عبر المبادرات الحكومية لدعم الأفراد والمنشآت والمستثمرين في التخفيف من الآثار المالية والاقتصادية المترتبة على الجائحة حيث بلغت المبادرات 142 مبادرة، بإجمالي مخصصات تجاوزت 214 مليار ريال.
تمديد عدد من المبادرات الحكومية
ولم يتوقف الدعم عند هذا الحد، بل صدر الأمر الملكي الكريم بالموافقة على تمديد عدد من المبادرات الحكومية الداعمة للأفراد والقطاع الخاص والمستثمرين، ابتداء من يوليو المنصرم مثل دعم العاملين السعوديين في منشآت القطاع الخاص المتأثرة من تداعيات الفيروس عبر نظام (ساند)، وإيقاف الغرامات الخاصة باستقدام العمالة، ورفع الإيقاف مؤقتًا عن منشآت القطاع الخاص لتصحيح النشاط، واحتساب توظيف “السعودي” في نطاقات بشكل فوري لكل المنشآت، ورفع الإيقاف الخاص بحماية الأجور خلال الفترة الحالية، وتأجيل تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات لمدة ثلاثين يومًا مقابل تقديم ضمان بنكي، بالإضافة لتمديد عدد من المبادرات المتعلقة بالتأشيرات والإقامات للوافدين. وراعت المبادرات تقديم تسهيلات عدة منها منح مدد إضافية في فترة ضعف الإيرادات جرّاء الجائحة وتسهيل الإجراءات الزكوية والضريبية، لضمان استدامة العمل للمنشآت في القطاعات الاقتصادية كافة، حيث استفاد نحو 659 ألف شخص من المبادرات التسع الموجهة لقطاع الأفراد، التي ساعدت في التخفيف من الأثر المصاحب للجائحة على الأسر من ذوي الدخل المحدود بتوفير مصادر دخل لها، والأمر نفسه ينطبق على الأفراد العاملين في قطاع الركاب بتسيير مرتبات شهرية لهم بالحد الأدنى لرواتب السعوديين في القطاع الخاص.
تداعيات سوق العمل
كما خففت المبادرات من التداعيات الاقتصادية على سوق العمل وتوطينه والمحافظة على المكتسبات التي تحققت في الفترة الماضية، سواء بتخصيص 9 مليارات ريال تعويضا لأكثر من مليوني ومائة ألف مواطن يعملون في المنشآت المتأثرة من الجائحة، ودعم ما بين 80 – 100 ألف مستفيد من الباحثين عن عمل في القطاع الخاص، بالإضافة إلى دعم ما بين 50 – 100 ألف موظف في القطاع الخاص ممن لم يستفيدوا من برامج الدعم سابقا بأثر رجعي. وأسهمت المبادرات الحكومية في تمكين المنشآت والمستثمرين من الاستمرار في ممارسة أنشطتهم والحد من الآثار التي قد تعيق أعمالهم أو سرعة نموها، كما خففت من آثار التدابير الاحترازية لمكافحة الفيروس ووضعت في عين الاعتبار تذبذب التدفقات النقدية في هذه المرحلة، حيث كان من ضمن الأهداف التي حرصت المبادرات على تحقيقها ضمان استمرار الأعمال في القطاع الخاص وغير الربحي في مساراتها المخطط لها مسبقا دون تأثير في معدلات النمو الاقتصادي، واتخذت في سبيل ذلك العديد من الإجراءات منها رفع الإيقاف الخاص بحماية الأجور أو لتصحيح النشاط أو لعدم دفع الغرامات واحتساب توظيف السعودي في نطاقات بشكل فوري.