متابعات

السعودية قائدة المبادرات الإنسانية في زمن الأزمات العالمية

البلاد – مها العواودة

أشاد مسؤولون في منظمات حقوقية دولية وخبراء في علم النفس والاجتماع باعتماد الأمم المتحدة مشروع قرار” الاستجابة الدولية السريعة لتأثير فيروس كورونا على النساء والفتيات” الذي قدمته المملكة العربية السعودية بالتعاون مع كل من الجزائر والصين وزامبيا ومصر إلى اللجنة الثالثة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 75 ، مؤكدين أن اعتماد القرار يعد إنجازاً يضاف إلى إنجازات مملكة الإنسانية على الصعيد الدولي، ويؤكد حرصها الدائم على مكافحة الأوبئة الصحية ومعالجة آثارها السلبية لضمان استقرار المجتمعات والمنطقة.

حيث ركز القرار على مناقشة الآثار المدمرة لهذه الأزمة العالمية وتأثيرها على النساء والفتيات، التي قد تؤدي إلى تفاقم أوجه اللامساواة القائمة، خصوصاً في المناطق الواقعة تحت النزاعات المسلحة وحالات الطوارئ الإنسانية، التي قد تشكل عائقاً حقيقياً أمام استمرار الجهود المقدمة في مجال المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، فضلاً عن التأثير على العاملين الصحيين في الصفوف الأمامية حيث تشكل النساء شريحة كبيرة منه.
وأوضح نائب مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور خالد بن محمد منزلاوي، أن اعتماد القرار يؤكد الجهد الدبلوماسي البارز لوزارة الخارجية والوفد الدائم ويعد إنجازا يضاف إلى إنجازات المملكة على الصعيد الدولي وفي الأمم المتحدة.

تزايد حالات العنف الأسري
وأكدت الأستاذ المساعد في قسم علم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة الملك عبد العزيز الدكتور عبير الخياط، أن للجائحة آثارا سلبية على البشرية ومن أكثر من تأثر بها، شريحة النساء والأطفال حيث إن كثيرا من الدراسات حول العالم أكدت تزايد حالات العنف الأسري التي تتعرض لها النساء والأطفال في عدة دول وأقاليم، وأن تدابير الحظر والإغلاق وعدم توافر خدمات الحماية، أثرت تأثيرا سلبيا على حماية هاتين الفئتين، يضاف إلى ذلك تأثير الجائحة على شريحة النساء العاملات في الصفوف الطبية، حيث تقدر نسبتهن 75% في المجال الصحي. كما ترى أن الجائحة أعاقت محاولات تحقيق المساواة بين الرجال والنساء وتمكين النساء للعيش بأمن وأمان، وأدت إلى تباطؤ الجهود، لذلك جاءت الاستجابة الدولية لقرار مملكة الإنسانية سريعة للتدخل ومساعدتهم بطريقة تكفل حياة كريمة لهذه الشريحة المهمشة في بعض الدول وخاصة التي تشهد حروب ونزاعات.


دور ريادي للمملكة
وقال الباحث في القانون الدولي والأستاذ المحاضر في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا الدكتور محي الدين الشحيمي: إن الاستجابة الدولية السريعة لتأثير فيروس كورونا على المرأة، واعتماد قرار في ذلك يثبت لنا من جديد أن المملكة لها باع في الدور الريادي الذي تلعبه سواء بمفردها أو من خلال تعاملها مع المنظومة الدولية والمجتمع الدولي الفاعل، لتفادي الصعوبات الإنسانية العاصفة، فهذه هي نزعة المملكة الدائمة لتنفيذ المبادرات الإيجابية، وهذه المرة من خلال مبادرة الاتفاقية لمكافحة أزمة العصر العالمية والتي تعصف بكل أصقاع الأرض لمكافحة وباء كورونا الذي شكل صدمة للنظام العالمي بأكمله متعددة الأبعاد ( الصحية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية )، ما حتم بالفعل على الدول بأن تغير وتبدل بطريقة تصرفاتها وسلوكياتها واضعة نظماً جديدة للتفاعل فيما بينها؛ من أجل تفادي الأخطار.

إنجاز فريد ومتميز
وأوضح أن الاتفاق على المبادرة في الجمعية العامة في دورته الـ75 والمنضوي تحت بند (28) للنهوض بالمرأة يعد إنجازا فريدا ومتميزا للمملكة بتحفيزها الدول الأربع ( زامبيا – مصر – الجزائر – الصين ) على دعمها انطلاقاً من ظاهرة خطيرة ومؤثرة جدا على تطور الدول والشعوب، ومهددة لاستقرار المجتمعات وهي مشكلة تعرض النساء والمرأة بشكل عام لحالات من التعنيف والإساءة من التعامل على المستوى الأسري والعام، والتي زادت من حدتها وتيرة انتشار كورونا، بفعل عوامل الإقفال التام والزيادة في معدلات البطالة، وظهور المشاكل الاقتصادية والمالية في البيوت والمجتمعات، ما أدى لظهور وتفش كبير لحالات التوتر النفسي وفقدان السيطرة على الذات، والذي أدى بدوره لزيادة معدلات الجريمة والتعديات، خصوصا في أماكن ومناطق النزاعات والتوترات والبلدان التي تشهد النموذج التطبيقي للعدالة الانتقالية، أو الانتقال الديمقراطي، وهذا ما شغل بال المملكة والدول المتعاونة لجهة سيطرة اللامساواة بفعل قوى الأمر الواقع .

ولفت إلى أنها خطوة محمودة تدخل في صلب عملية الإصلاح التي تشرع في تطبيقها منذ سنوات ولعملية التجديد للقوانين والتشريعات حتى داخل المملكة لخلق توازن جذري جديد ومميز فيما بين الرجال والنساء، إيماناً منها بأن العدالة والمساواة يجب أن تكون في أي مجال ضمن الحدود الطبيعية للقوانين المرعية وكجزء لا يتجزأ من خطة الإصلاح 2030 والمحترمة لأهم قواعدها وشعاراتها في ( الشفافية والمساواة والعدالة وحق الوصول للتعليم بشكل متوازن بين الرجل والمرأة، والحق في فرص العمل المتكافئة والمعتمدة على الكفاءة، والدخول الحقيقي في مشروع التمكين والتنمية الحضرية المتوازنة )، ويرى أن الاستجابة الدولية السريعة لتأثير فيروس كورونا على النساء والفتيات إنجاز كبير سوف يعطي ثماره عالمياً في القريب .

افتقاد الرعاية الصحية
من جانبها، أوضحت مديرة منظمة المرأة العربية في لبنان الدكتورة فادية كيوان، أن آثار (كوفيد-19 ) جاءت أكثر تأثيراً على النساء وبخاصة الفقيرات، ممن كن يفتقرن أصلا لأي رعاية صحية في الدول النامية، فمعلوم أن الخدمات الصحية مرتبطة في العديد من الدول بالعمل، فإذا لم تكن المرأة عاملة فهي قد لا تستفيد من الخدمات فضلاً على أن النساء اللواتي يعملن بالتجوال والعمالة الزراعية هن جزء من القطاع الهامشي، حيث لا مظلة حماية ولا رعاية، وأضافت” هذه الفئات افتقدت الحماية والرعاية الصحية وترافق ذلك مع انقطاعها عن العمل بسبب التدابير الخاصة بالحجر المنزلي ومنع التجول”. وأثنت على الاهتمام الذي أبدته الأجندة الدولية، التي انتقلت من البحث في خطط عمل التنمية المستدامة إلى البحث في آليات وتدابير مواجهة (كوفيد ١٩) و تعزيز القدرات الوطنية والمحلية والفردية لضمان سرعة الاستجابة للكوارث الطبيعية، وجائحة كورونا واحدة من هذه الكوارث، التي ألقت بظلال قاتمة على النساء والفتيات خاصة في مناطق النزاعات المسلحة، حيث بات التعاون فيما بين المعنيين والمهتمين ضرورة مطلقة من أجل حشد الطاقات وتأمين فعالية الاستجابة، وكذلك لتحقيق المساواة في فرص الحصول على الحماية والوقاية والرعاية بين الجنسين بما يساهم في تحقيق العدالة في المجتمع ويضمن استدامة الإجراءات المتخذة.

حماية الإنسان
في السياق، أشادت مدير عام المرأة بوزارة شئون المغتربين اليمنيين في اليمن بيغم العزاني باهتمام وحرص المملكة المبادرة دائما لحماية الإنسان أينما كان، مؤكدةً أن اعتماد الأمم المتحدة للقرار الذي تقدمت به المملكة من أجل الاستجابة العالمية لمكافحة آثار الجائحة على الفتيات والنساء خطوة في الاتجاه الصحيح، ويشار إليها بالبنان وتحتاجها كل نساء العالم، خاصة في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة.

وترى أن التأثير على هاتين الفئتين كبير لأنهن الأضعف في المجتمعات العربية التي تشهد حروبا ونزاعات، حيث مازالت لا تعطي الاهتمام والتأهيل الكافي للنساء والفتيات لانشغالها بالحروب. وأوضحت أن جائحة كورونا لها تأثير كبير جدا خاصة في مناطق النزاعات المسلحة، التي أثرت سلبا على أوضاع النساء والفتيات وأعاقت حصولهن على الخدمات المطلوبة والمهمة؛ سواء كانت صحية أو اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية، ولفتت إلى أن جائحة كورونا كشفت عن مدى القصور وغياب الاستراتيجية الكاملة لحماية هذه الفئة التي تتحمل مسؤوليات كبيرة سواء داخل البيت أو خارجه .

وتؤكد العزاني رئيسة مبادرة بصمة نساء للسلام ” أن المرأة اليمنية خير مثال على ذلك، وهي من تتحمل تبعات الحروب والكوارث في مجتمع لم يقدم لها أدنى الخدمات، سواء في التعليم والتأهيل والتدريب والتمكين، خاصة مع استمرار الحرب والنزاع وانتشار وباء كورونا الذي فاقم الأزمات المتراكمة على المرأة في اليمن، أبرزها حالات العنف المدانة” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *