الإقتصاد

أزمة لبنان السياسية تنذر بكوارث اقتصادية

البلاد – مها العواودة

حذر خبراء في الاقتصاد من صعوبة الأوضاع التي سيشهدها لبنان خلال الأيام والأسابيع المقبلة بعد التأكيدات التي أطلقها مصرف لبنان بأنه لم يعد يملك الدولارات الكافية لتمويل استيراد المشتقات النفطية والدواء والقمح والمواد الغذائية، خاصة في ظل حالة الاسترخاء التي تسيطر على المشهد السياسي الأمر الذي من شأنه أن يفاقم الأزمات ويدفع باتجاه ارتفاع لا سقف له لأسعار الدواء والمحروقات والمواد الغذائية.
يؤكد الخبير الاقتصادي البروفيسور بيار الخوري أن الوضع النقدي في لبنان وصل إلى المستوى الحرج في الاحتياطات النقدية الحرة، خاصة بعد التصريحات العلنية من أعلى مرجع نقدي في البلاد، الذي أكد أن لبنان سيتوقف عن دعم المواد الأساسية من محروقات وقمح ودواء.

وأشار إلى أن هذه اللحظة متوقعة منذ بداية أزمة شحّ الدولار في أغسطس 2019 حيث عبرت هذه الأزمة عن تفجر مسار طويل من الاستهتار النقدي والمالي تقَم بموجبه الحكومة بالمزيد من الاقتراض من أجل تمويل عجز الموازنة الذي نما بشكل خيالي سنة بعد سنة.
ولفت إلى أنه تم خلق طلب اصطناعي بواسطة هذا الدين وتحول الطلب إلى عجز موازٍ في ميزان المدفوعات حيث عملت المستوردات على تلبية طلب داخلي متنام وتغذية قنوات التهريب خاصة المحروقات.


وأكد أن لبنان سيشهد انقطاعا للمحروقات أولاً تمهيداً لرفع أسعارها كونها الأكثر كلفة ضمن سلة الدعم، أما على صعيد الدواء فستبدأ المستشفيات وشركات الأدوية بالتملص من الدعم في ظل انقطاع العديد من الأدوية الحاصل أساساً وتقنين توزيع الأدوية الأخرى، أما دعم القمح فتوقع الخبير الاقتصادي استمراره لأنه الأقل كلفة كما أن رفع الدعم عنه يمكن أن يفجر فوضى اجتماعية يصعب حصرها، موضحاً أن رفع الدعم في ظل بقاء الاحتكارات المتحكمة بمواد الاستهلاك الأساسية سوف يضاعف المشكلة على المواطن الغارق أساساً في ضعف القدرة على الطلب.

أوضاع كارثية
من جانبه، قال الاستشاري والمحاضر في كلية باريس للأعمال والدراسات العليا د. محيي الدين الشحيمي إن البلاد تشهد أعنف انهيار اقتصادي بات يهدد الهيكل بأكمله وبشكل جدي، بفعل هذه الأزمة العاصفة التي دفعت باتجاه خسارة العملة الوطنية لحوالي الـ 90 % من قيمتها ونتيجة للحجز على أموال المودعين، الذي أصاب لبنان بشح بالعملات الصعبة والدولار دخل حالة الندرة.
وأوضح أن نتائج وقف الدعم على المشتقات الضرورية والأساسية من دواء، محروقات، مواد غذائية ستكون كارثية خصوصا في غياب لأدنى ملامح المراحل الإصلاحية والمفاوضات مع الصناديق المانحة بسبب الشلل لاستكمال الاستحقاق الحكومي.

كما لفت إلى أنه برفع الدعم سيعاصر المواطن من خلاله ارتفاع غير محدود بأثمان السلع المختلفة وبشكل مخيف بالتوازن مع حالة التضخم المفرط الذي تمر به البلاد والتي يرزح من خلالها المواطن اللبناني تحت مجموعة من الأعباء، ويرى أن الحل ومدخل الاستقرار الاقتصادي سيكون بتشكيل حكومة سريعة وإصلاحات تستعيد من خلاله لبنان التوازن لميزان المدفوعات فضلاً عن ترميم ثقة المجتمع الدولي.
ويوافقه الرأي الخبير الاقتصادي باسل الخطيب الذي أكد أن لبنان في ظل غياب الرقابة والحكومة واستمرار حالة التهريب والاستهتار بالمواطن بات بحاجة إلى دعم عربي ودولي تحت رقابة أممية يوفر الدواء والمحروقات والمواد الغذائية إلى حين تشكيل حكومة من اختصاصيين تقوم بإجراء الإصلاحات اللازمة وتسهل حصول لبنان على الدعم الخارجي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *