الدولية

«المرفأ المنكوب» يصحو على حريق جديد

البلاد – مها العواودة

فصل جديد من الكوارث اللبنانية كان مسرحه، أمس (الخميس)، مرفأ بيروت الذي شهد حريقاً في مخزن للزيوت وإطارات السيارات، ما آثار غضب الشارع اللبناني على فساد الطبقة الحاكمة التي تواصل نهجها وعدم اكتراثها بمصلحة الوطن والمواطن، في وقت تصاعدت الدعوات بضرورة محاسبة المسؤولين على فسادهم، مع غياب المسؤولية عن هذا المكان المهم والذي يحتاج إلى حماية ومراقبة، خاصة وأن التحقيقات في انفجار مطلع أغسطس الدموي لم تنته بعد، وسط أنباء عن وجود مواد متفجرة من بقايا “نترات أمونيوم” لا تزال بالمرفأ.

وأكد مسؤولون وسياسيون لبنانيون لـ”البلاد”، أن الحرائق المفتعلة التي شهدها لبنان أمس تأتي بالتزامن مع العقوبات الأمريكية الجديدة على حلفاء “حزب الله”، الذي يسعى لعرقلة وتأجيل تشكيل الحكومة المرتقب ولادتها الأسبوع القادم، فضلاً عن أنها عبث جديد في مسرح الجريمة الكبرى لإخفاء بعض الحقائق، في ظل إهمال من الجسم الإداري مقرون بشكل متلازم بحالة مستشرية من انعدام المسؤولية والتخبط والمناكفات الكيدية التي يدفع ثمنها المواطن اللبناني.

وأشاروا إلى أن عمليات الترقيع في الطبقة الحاكمة لن تجدي نفعاً في ظل الهيمنة الإيرانية على القرار اللبناني، الأمر الذي يتطلب حلاً جذرياً يضمن استقرار البلد المثقل بالأزمات.
وقال الوزير اللبناني السابق معين المرعبي، إن ماجرى في المرفأ غير مستغرب في ظل غياب المسؤولية والقرار اللبناني وسيطرة حزب الله الكاملة على كافة المفاصل والمرافئ في لبنان، بل وتورط الطبقة الحاكمة في التغطية على الأعمال الإرهابية لحزب الله وإدخال المواد الحارقة والمتفجرة لصالحه.

ويرى أن المتهم الوحيد اليوم هو حزب الله الذي يواصل توريط البلد المنهك في مزيد من الأزمات بالتزامن مع فرض عقوبات أمريكية جديدة على حلفاء الحزب، متوقعا على ضوء ذلك أن يقدم الحزب الإرهابي أيضا على تنفيذ عمليات اغتيال لتعويم الأوضاع، وذلك من أجل إطالة أمد بقائهم وإيجاد مبرر لتأخير تشكيل الحكومة الذي كان من المتوقع ولادتها الأسبوع القادم.

وأكد المحلل السياسي اللبناني براء هرموش، أن تجدد حريق المرفأ يجسد نموذجاً صارخاً من الفساد المستشري في البلاد وعدم المسؤولية في التعامل مع مواد متفجرة وقابلة للاشتعال مازالت كميات منها موجودة في المرفأ، مما يعطي صورة واضحة عن التسيب والإهمال الحاصلين نتيجة الترهل السياسي والإداري الطاغي عند هذه الطبقة الحاكمة في لبنان.
واعتبر الباحث السياسي الدكتور مكرم رباح، أن ما يجري في مرفأ بيروت هو محاولة لطمس الأدلة، وتشتيت الأنظار عن سوء التحقيقات، كما أنها طريقة إضافية من الطبقة الحاكمة لسرقة الدعم القادم المحتمل إلى لبنان، فالمواطن كان ولا يزال آخر همها.

في السياق ذاته، تساءل الوزير اللبناني السابق إيلي ماروني: “هل الحريق الجديد التهم ما تبقى من أدلة على جريمة وإهمال واستهتار 4 أغسطس الذي خلف دماراً كبيراً في الأرواح والممتلكات، وهل حصل ذلك لمحو الأدلة، وكيف يحدث حريق بهذا الحجم في المرفأ وهو المفروض أنه مساحة مقفلة ومراقبة أمنياً”، مجدداً المطالبة بتحقيق دولي في انفجار بيروت الكبير على أن ينضم إليه حريق المرفأ.
أما عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبد الله، قال إن الحريق دليل آخر على الإهمال والعجز الكامل لكل مؤسسات الدولة، ومؤشر جديد لضرورة الإسراع في تشكيل حكومة تلبي الحاجات المطلوبة من إصلاحات لإنقاذ لبنان.
إلى ذلك، أعلنت مصادر في الخارجية الأمريكية، أن واشنطن تدرس فرض عقوبات إضافية على داعمي الميليشيات، مشددة على أن العقوبات ضد شخصيات لبنانية ما هي إلا رسالة قوية لـ”حزب الله”، وذلك بعد ساعات من فرضها عقوبات على وزيرين لبنانيين مقربين من الحزب الإرهابي.

وقالت المصادر، إنها تشجع المجتمع الدولي على محاسبة الفاسدين في لبنان باتخاذ خطوات جدية حول ذلك، مؤكدة عزمها محاسبة السياسيين اللبنانيين على فسادهم، وقالت إنه لا بد من تحقيق مطالب الشعب اللبناني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *