البلاد – رضا سلامة
اعتقلت السلطات الإيرانية جميع منظمي الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت خلال الأيام الماضية في مدينة بهبهان، في مؤشر على رعب الملالي من غضب الشارع، بعد فشل النظام سياسياً واقتصاديا وصحياً، الأمر الذي اضطر وزير النفط الإيراني للاعتراف به، معلنا أنه لا توجد دولة مستعدة للتعاقد مع بلاده في أي مجال، ما يفسر لجوء طهران إلى بكين لعقد اتفاق طويل الأمد، وصف معهد “جيتستون” الأمريكي شقه العسكري بأنه يهدد أمن الشرق الأوسط.
وأكد قائد شرطة ولاية خوزستان، حيدر عباس زاده، وفقاً لوكالة “إرنا” الإيرانية الرسمية، قمع الجهات الرسمية لمنظمي الاحتجاجات، مبينا أنه تم التعرّف على جميع من نظموا الاحتجاجات في بهبهان وتوقيفهم، دون أن يحدد عددهم أو هوياتهم، زاعما أن المتظاهرين رددوا شعارات “مدمرة”، في إشارة إلى الشعارات المطالبة بإسقاط النظام والمنددة بتبديده موارد البلاد على الميليشيات العميلة في الخارج، مثل “لا نريد حكم الملالي”، و”لو هاجمتمونا بالمدفع والدبابات. الملالي يجب أن يرحلوا”. وشهدت مدينة بهبهان الخميس الماضي احتجاجات واسعة تنديدًا بتأييد أحكام ضد ثلاثة شبان تم اعتقالهم خلال احتجاجات نوفمبر الماضي، واجهتها قوات الشرطة والباسيج بحملة قمع وإطلاق رصاص حي لمنع تمدد الاحتجاجات وتحولها إلى تظاهرات شبيهة بما جرى في نوفمبر.
وما يؤكد تسلط الملالي على الشعب وقمعها له، نفذت إيران حكم الإعدام، أمس الاثنين، بحق محمود موسوي مجد، الذي زعمت السلطات سابقًا بأنه أوشى بمكان قاسم سليماني، وكشف تحركاته ما سهل مقتله بغارة أمريكية، ثم تراجعت بعدما تبين وجوده في سجون إيران قبل قرابة عامين من مقتل سليماني، لتنسب إليه تهمة نقل تحركات الميليشيات الإيرانية في سوريا إلى أجهزة استخبارات أجنبية، ما أثار كثيراً غضب الشارع الإيراني معتبراً أن الملالي يسيسون القضاء ويطوعونه لكبت المعارضين وإسكات أصواتهم للأبد.] وفي إقرار جبري بعزلة إيران دولياً وصعوبة وضعها الاقتصادي، كشف وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، أمس، أنه في الوقت الحاضر “لا توجد دولة مستعدة لتوقيع عقد معنا في أي مجال، كما أنه ليس بالإمكان تنفيذ العقود الموقعة”، ما يشير إلى أن العقوبات الأمريكية تحاصر نظام الملالي من كافة الاتجاهات.
يشار إلى أنه مع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018، انخفضت صادرات إيران النفطية بين مائة إلى مائتي ألف برميل يومياً، في حين كان هذا الرقم قبل ذلك 2.5 مليون برميل يومياً. وفي السياق ذاته، قال النائب عن زاهدان في البرلمان الإيراني حسين علي شهرياري، إن الشعب سيطردنا من الحكومة والبرلمان، بسبب “الفقر والجوع والضغط، وهذا لن يستغرق وقتاً طويلًا”، في إشارة إلى الظروف المعيشية الحرجة في إيرن، خاصة إقليم سيستان- بلوشستان، بينما قال نائب زاهدان، عليم يار محمدي، إن74% من سكان المحافظة تحت خط فقر الأمن الغذائي”.
يأتي هذا فيما واصلت العملة الوطنية الإيرانية انهيارها بشكل قياسي، حيث ارتفع سعر صرف الدولار في سوق الصرف الأجنبي بطهران إلى 26000 تومان. ويرى معهد جيتستون الأمريكي أن محاولة إيران الالتفاف على العقوبات الأمريكية بعقد اتفاق استراتيجي لمدة 25 عاماً، يتضمن تعاوناً عسكرياً بجانب الشراكة الاقتصادية، يعد تهديداً لأمن الشرق الأوسط ، لافتاً إلى أن المؤسسة العسكرية الأمريكية تتابع بمنتهى الجدية هذا الأمر، وستواجه محاولات إيران نشر نفوذها في أنحاء المنطقة.