أدخلت كورونا رعبا وهواجس في نفوس وقلوب البشر واصابت الانسان بالشكوك والتردد وطرح اسئلة لا حصر لها في كيفية ممارسة حياتنا وطقوسنا وعاداتنا اليومية.
وموضوعنا اليوم هو كيف ومتى نستطيع السفر من عدمه، وكيف نتجنب الاختلاط في زحام المطارات وكيفية التعامل مع اجهزة الامن والعفش الاشعاعية، والامر الاكثر صعوبة،هو كيف نجلس داخل كبينة الطائرة ونحن محاطون بركاب او مسافرين من اليمين واليسار، ولا نعلم شيئا عن صحتهم ومدى خطورتهم علينا.
وهذا ما دفع شركات الطيران ومنظماته على عمل الدراسات والابحاث على حماية المسافرين وكيفية تخفيف الضغوط النفسية عنهم، وبالذات داخل مقصورة الطائرة وهذا الامر لا يقتصر على الركاب فقط، بل يتعداه ايضا الي طواقم الملاحين، وعلى نوعية الخدمات التي ستقدم للركاب للتقليل من فرص التقارب والتلامس بينهم وبين ملاحي المقصورة وما هي الادوات والازياء والملابس التي يجب ارتداؤها بالنسبة لجميع المتواجدين داخل الطائرة .
ووجدت شركات الطيران ومنظماته انه ليس امامهم الا التطبيق الملزم للتباعد الاجتماعي في طريقة اجلاس الركاب، وهذا يعني ترك اعداد كبيرة من مقاعد الطائرة خالية، مما يترك اثارا اقتصادية سيئة علي شركات الطيران، وسيضطرها الي رفع اسعار السفر الي قرابة ال 30 % عن الاسعار المتداولة قبل كورونا.
ونتيجة لذلك ستتقلص نوعية الخدمات المقدمة الى الركاب بشكل ملحوظ، وستكون الوجبات سريعة وخفيفة ويتم تقديمها في اطباق وحاويات قابلة للتخلص الفوري منها، كما ستتقلص خدمات البرامج الترفيهية، والهدايا التذكارية في الرحلات الطويلة، وستضطر الشركات لوضع معايير قاسية لتعقيم الطائرات ومقاعدها والادوات التي تستعمل من مخدات وبطانيات وطريقة التخلص منها في حاويات خاصة،الخ.
وهذا يعني ان شركات الطيران ستقوم بإعادة هيكلة توزيع المقاعد داخل المقصورة ، والتعامل مع اجهزة التكييف والتهوية بطريقة خاصة عند اللزوم، هذا ولقد بدأت مصانع مقاعد الطائرات في تقديم افكار جديدة ، لتصميمات المقاعد واعادة رسم التصاميم الداخلية للاجلاس داخل الطائرة والحصول علي الاذونات المختلفة من مصانع الطائرات والمنظمات المشرعة لسلامة الطيران.
ونتيجة لما سبق سيؤثر كل ذلك عل الجهود المستقبلية لتطوير مقصورة الركاب وخدماتها، وستتجه الجهود الي اقتصاديات الطيران ومصاريف التشغيل وتقليص استهلاك الوقود.
والامر الآخر الذي سيضاعف من معانات المسافرين هو الفحوصات الطبية قبل الاقلاع وهواجس وصول الركاب الي محطاتهم،والانظمة التي يجب ان يخضعوا لها من فحوصات طبية اخري سريعة بعد الهبوط لتؤكد خلوهم من عدوي الامراض وامكانية الحجر الصحي ومدته وتكاليفه والتي بالقطع سيتحملها الركاب بطريقة مباشرة او غير مباشرة، وينطبق هذا العبئ علي جميع وسائط الانتقال والمواصلات البرية والبحرية وغيرها.
ولا يمكننا ان نستثني قطاع الضيافة، ونقصد قطاعي الفنادق والمطاعم، من التاثير السلبي الذي سيقع عليه ايضا، حيث له ارتباط وثيق بالسفر.
هذه هي التحديات التي ستواجه العالم باسره، وفي اعتقادي ان الوصول الي مواد ومحاليل معقمة جديدة تعمل بصورة تلقائية علي حماية الاسطح، الى جانب استخدام تكنولوجيا الروبوتات، ستلعب دورا مهما في حياة البشر في المرحلة القادمة الي ان يصل العالم الي اكتشاف لقاحات وعلاجات تعمل علي الحصانة ومقاومة عدوي الفيروس.
واخيرا، هذا واقع سيواجهه قطاع السفر من قبل الشركات التي تعي مسؤوليتها الاجتماعية والوطنية بل الكونية،حيث اصبح الفيروس العدو الكوني الاول للبشرية جمعاء.