القاهرة – محمد عمر
“رؤية العلا” انطلاقة جديدة فى منظومة الرؤية السعودية 2030 بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وبإشراف ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد حفظهما الله، حيث تأتي تجسيدا للتميز والتفوق للمملكة فى الإلمام الدقيق بمصادر القوة والتفرد.
ويأتى دور سمو ولي العهد في الدعم والمشاركة الدائمة والفاعلة من أجل تحفيز الجميع على أهمية العمل المستمر والتطوير السريع لتحقيق تطلعات الوطن والمواطن ، فضلا عن إهتمام القيادة الرشيدة برعاية التراث بالمملكة والحفاظ عليه. “البلاد” أجرت استطلاعا لآراء عدد من الخبراء للتعرف على أهمية المشروع من الجانب الاقتصادى والتاريخي حيث قالت الدكتورة شيماء أحمد: حفل تدشين “رؤية العلا” والذي رعاه الأمير محمد بن سلمان،
حيث تتعانق الحضارات والجبال الساحرة في تلك المنطقة التي تتميز بخصائص عديدة نادرًا ما تجتمع بمدينة أخرى بالعالم تلك المدينة الخصبة بالسياحة والتي يمكنك ان تقتنص منها لحظة استمتاع لا تتكرر بين آثارها ، وهي من أهم الآثار بالمملكة وموقع سياحي عالمي أدرج اسمها في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ولهذا فإن كل عاشق للتاريخ سوف يروي شغفه بمشاهدة الآثار المختلفة والمنحوتة من الصخور والجبال التي تتميز بها.
وتتضمن العلا العديد من عجائب العالم العربي القديم ، وقد أشار سمو ولي العهد ، إلى أن الهيئة الملكية لمحافظة العلا تقوم على بدء مشروعات مستقبلية تمثل رؤية العلا والتي تمثل احد أهداف المملكة 2030 وأهمها يتمثل في منتجع شرعان وهو منحوت في قلب الجبال متضمنًا عددًا من الأجنحة الفندقية ومساحات كبيرة مجهزة بأحدث الوسائل والتقنيات والخدمات لإقامة واستضافة لقاءات القمة والاجتماعات على مستوى المنطقة والعالم ،
إضافة الي أحداث تطوير لمراكز الزوار في المواقع الرئيسية الثلاثة ” جبل عكمة ، الحجر ، ودادان” لاستقبال كافة السياح والزوار من كل أرجاء الدنيا. وكما وصفها الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية للمحافظة بأن زيارة العلا تعد رحلة عبر الزمن وان الهيئة تسعي لإقامة شراكات قوية مع خبراء ومختصين عالميين، وإحدى هذه الشراكات مع الوكالة الفرنسية لتطوير العلا .
وأثرث الهيئة الحفل بمحمية شرعان الطبيعية والتي كان إطلاقها للمساهمة في حماية المناطق التي تتميز بالقيمة البيئية الاستثنائية بهدف اعادة التوازن الطبيعي في تلك المنطقة لكافة الكائنات الحية والحفاظ على أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض مثل: الوعول والنعام أحمر الرقبة والغزلان كما أعلنت عن سعيها لانشاء الصندوق العالمي لحماية النمر العربي وهو يعد أكبر صندوق في العالم.
وحين تتحدث عن جمال الفن المعماري للآثار بمدينة العلا حيث يظهر بشكل واضح في القصور وتيجان الأعمدة وواجهات البنايات المحفورة في الصخور بطريقة رائعة وفريدة من نوعها حيث كان النحت من الأعلى إلى الأسفل ثم إلى الأجزاء الداخلية بأدوات معدنية بسيطة وهذا يدل على فن من طراز عال حيث تأثر بالفن المعماري الهلينستي والرومان .
* ايقونة حضارية وتجارية
بدورها قالت الدكتورة الشيماء الجنيهي الخبيرة الاقتصادية إن المملكة تتجه بقوة لتحقيق رؤيتها 2030 والتي من أهمها التنوع في الهيكل الاقتصادي للمملكة وعدم اعتماده في المقام الأول على النفط ، وفي إطار هذا التحول وتحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ، كان تدشين واحد من المشاريع الواعدة وهو مشروع ” رؤية العلا” كوجهة عالمية للتراث، فالمملكة تاريخيا كانت واحدة من أيقونات التبادل التجاري بين الشرق والغرب خاصة في موسم الحج، وتمتعها بطبيعة صحراوية خلابة قامت بها عدد من أشهر الحضارات في العالم القديم أهمها الحضارة النبطية، والحضارة اللحيانية.
ويعتمد مشروع “رؤية العلا” على التنوع في مجالات مختلفة مستغلة في أساسها البيئة المحيطة بالمحافظة مما سيعمل على تشجيع أنواع مختلفة من السياحة سواء الداخلية أو الخارجية، بالإضافة لتشجيع البعثات العلمية لزيارة واكتشاف الأماكن المختلفة بالمحافظة مما يدعم ويساهم بقوة لتحقيق رؤية المملكة 2030.
وقد تعددت وسائل الجذب لمشروع “رؤية العلا” على النحو التالي:
– محمية شرعان الطبيعية:
اهتم المشروع في هذا الإطار بالبعد والتوازن البيئي، بالإضافة للحفاظ على الحيوانات والنباتات النادرة والتي ستعمل على تشجيع السياحة الخارجية والداخلية لزيارة هذا المكان الخلاب والذي ستتواجد به العديد من الحيوانات والطيور النادرة والتي تتناقص أعدادها بشكل كبير، بالإضافة لتشجيع البعثات العلمية المهتمة بدراسة هذه الأنواع من الحيوانات النادرة وكيفية تعايشها وسلوكياتها في البيئة الصحراوية مما يعمل على تحويل كفة الاقتصاد في النهاية من الاقتصاد الأحادي المبني في المقام الأول على البترول إلى اقتصاد متنوع قادر على تحمل والتعامل مع الهزات الاقتصادية المختلفة.
– منتجع شرعان:
للجبال سحر خفي خاصة إذا ما حوت بين جنباتها في غموض مهيب حضارة من أقوى حضارات شبه الجزيرة العربية وهي الحضارة النبطية، الأمر الذي سيعمل على تشجيع السياحة بشكل عظيم خاصة السياحة الخارجية لرؤية آثار هذه الحضارة وكيف عاشت بين أحضان هذه الجبال وكونت حضارتها التي أبهرت العالم، ليس هذا فقط ولكن هذا المنتجع صمم لتشجيع سياحة المؤتمرات سواء كانت على مستوى المنطقة أو على المستوى العالمي.
تكمن أهمية مشروع “رؤية العلا” في اتجاهين، الاتجاه الأول داخلي حيث سيقوم بتدريب الموارد البشرية وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة ودمجهم في هذا المشروع حتى يكونوا “حماة للتراث الطبيعي والإنساني” الأمر الذي يعتمد في مقامه الأول على الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية لإخراج هذا المشروع بالشكل العالمي المميز الذي يعكس مدى التقدم والازدهار بالمملكة في ظل رؤية 2030، أما الاتجاه الثاني فمتمثل في ازدهار القطاع السياحي والبحثي لمحافظة العلا، ومع الوقت يضعف الاعتماد على الموارد النفطية وتزدهر وتقوى الإيرادات غير النفطية.
إن مشروع “رؤية العلا” تجربة قوية مميزة ومختلفة في المملكة من حيث تعدد الأهداف واستخدام الإمكانيات والموارد الاقتصادية المختلفة للمكان، والتوظيف الأمثل للعنصر البشري، والتعاون ما بين الهيئات العالمية والمحلية المختلفة لنقل كل من المعارف والخبرات للمملكة، حتى يتحقق الحلم بمملكة ذات هيكل اقتصادي قوي متنوع من خلال مشروع 2030.
* وجهة تراثية عالمية
من جهته قال ” الدكتور ” على عباس ” الخبير الاقتصادى إنه في ظل سعي المملكة إلى تحقيق رؤية المملكة ٢٠٣٠ تم تدشين رؤية العلا ، لتتحول المنطقة إلى وجهة عالمية للتراث والثقافة نظراً لوجود منطقة الحجر ضمن حدودها والتى تم ادراجها ضمن قائمة اليونسكو كأحد مواقع التراث العالمية ، علاوة على وجود جبل عكمة ودادان التى تتميز بمناظرها الطبيعية الخلابة فهى من اقدم معالم العالم القديم مما يجلب إليها المستثمرين ورجال الأعمال لبناء المنتجعات والأماكن الترفيهية للسياح الراغبين فى رؤية واستكشاف العالم القديم علاوة على الاستمتاع بجمال الطبيعة .
وأضاف ” الخبير الاقتصادى ” كما أن جعل منطقة العلا محمية طبيعية تحتوى على الحيوانات النادرة المهددة بالانقراض سيعمل على جذب خبراء ومختصين عالميين لتطوير المنطقة واستغلالها افضل استغلال كمزار سياحى بيءي طبيعى مما ينعكس إقتصاديا على هذه المنطقة ويساعد على تحقيق رؤية ٢٠٣٠.
مضيفا وفي سبيل تحقيق الرؤية الاقتصادية للمنطقة تم تدشين منتجع شرعان وهو منتجع فندقي فاخر في قلب الجبل يحتوى على أجنحة فاخرة ومنتجع صحي وقاعة مؤتمرات بها تقنيات حديثة ليصبح نموذج فريد للضيافة في المملكة العربية السعودية. ، كما تم تدشين برنامج حمايه الذي يهدف إلى توفير ٢٥٠٠ فرصة عمل لحماية التراث الطبيعي وتطوير البنية التحتية للمنطقة من انتقالات ومرافق واتصالات على أعلى مستوى .
وأضاف أنه على الصعيد الاقتصادي فإن مشروع العلا من المتوقع أن يصل حجم لاستثمارات فى المشروع حوالى ٢.٦مليار ريال سعودي ومن المتوقع استقبال ٥٠٠الف سائح سنوياً بحلول عام ٢٠٢٠ وتوفير ٥٠٠٠ فرصة عمل للشباب السعودي وبناء ٢٠٠٠ غرفة فندقية في الموقع حيث استقطبت المنطقة خلال عام ٢٠١٥ حوالى ١٥٠ الف سائح وفي عام ٢٠١٦حوالى ١٦٠ الف سائح ..ومن المتوقع جذب المزيد من الإيرادات إلى الناتج المحلي كما أنه يعد تنويعا لمصادر الدخل مما يتماشى مع رؤية المملكة ٢٠٣٠ .
من جهته قال الدكتور كريم عادل الخبير الاقتصادى: إن اطلاق ولي العهد لـ” رؤية العلا ” كوجهة عالمية للتراث، يمثل مرحلة مهمة لتحقيق إحدى أهداف رؤية المملكة 2030″ ، واهميتها تكمن في تطوير وحماية التراث الطبيعي للمنطقة ومشاركة تاريخها الثقافي الثري مع العالم أجمع، وهذه الرؤية تشير إلى مدى حرصه على المكون التراثي والإنساني السعودي باعتباره المكون الرئيسي لبناء المستقبل وكتابة التاريخ . فأهم ما يميز ” رؤية العلا ” أنها رؤية متعددة الأهداف ، لما تشمله من مشاريع تنموية لتعزيز موقع مدينة العلا كواجهة حضارية عالمية ، وإنشاء منتجع ومحمية طبيعية ، ونظام تعليمي عالمي من خلال برنامج الابتعاث الدولي ، وما ستحققه من عوائد اقتصادية .
ولعل تزامن إطلاق ” رؤية العلا ” بعد أن ترأسسمو الأمير محمد بن سلمان ، لورشة العمل التي عقدها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية تحت عنوان “حديث السياحة”، في شأن الرؤى والتوجهات لقطاع السياحة في المملكة العربية السعودية بما ينسجم مع تطلعات رؤية المملكة 2030 ، إنما تعد خير شاهد على أن المملكة تخطو خطوات منظمة متتالية قائمة على البعد والتخطيط الاستراتيجي تساهم كل منها في دعم وإنجاح ما يسبقها أو سيليها من خطوات، لوجود علاقة وارتباط وثيق بين رؤية العلا وتطوير قطاع السياحة، حيث تحقق رؤية العلا باعتبارها سياحة ثقافية بيئيةستساهم في جذب المزيد من السياح إلى الممملكة والمستمثرين في هذا القطاع .
ولرؤية العلا مردود اقتصادي هام على المحافظة، حيث تترافق معها برامج توظيف واسعة، بالإضافة إلى إشراك المجتمع المحلي ضمنها عن طريق تفعيل برامج الابتعاث ذات العلاقة بصون التراث واستكشافه، فيما ستحقق المشاريع الجديدة لمحافظة العلا ازدهارًا اقتصاديًا دائمًا للمحافظة، مما سينتج عنه إسهام في الناتج المحلي التراكمي بنحو 120 مليار ريال، فضلًا عن توفيرها 38 ألف وظيفة بحلول العام 2035.