الباحة ـ البلاد
من عبق الماضي ، وعمق التاريخ ، وقوة الإنسان تتناثر العديد من الأسواق الأسبوعية والمحلات الشعبية في منطقة الباحة، وترينا لوحات فنية خالدة ومتناثرة في جميع أرجائها سراة وتهامة وبادية لتروى كفاح وإصرار ابن الباحة على الصمود والبقاء , حيث تزخر هذه الأسواق والمحلات بالعديد من الحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي تجعل من الماضي أثراً خالداً لتربط إنسان الحاضر بماضيه.
ففي الباحة لا يزال الاهتمام كبيراً بالحرف اليدوية والصناعات التقليدية التي تلقى رواجاً بين مختلف شرائح المجتمع وذلك تمشياً مع الاهتمام بالحرف اليدوية وتزامناً مع تطور الصناعة في مختلف مناطق المملكة , حيث اشتهرت المنطقة منذ الأزل بالصناعات اليدوية نظراً لكثرة الحرفيين بها الذين ما فتئوا يزاولون حرفهم كمورد رزق لهم إلى جانب اهتمامهم بالمحافظة على هذا التراث من الاندثار.
وتنتشر في المنطقة العديد من الصناعات التقليدية مثل صناعة الفضيات والخناجر والسيوف والدباغة والفخار والخشب والخوص إضافة إلى صناعة استخراج القطران وزيت السمسم وإصلاح الأسلحة التقليدية وأسلحة الصيد وصقل الجنابي وتصميم القلائد والمشغولات الفضية وغيرها من الصناعات الأخرى التي تستوقف الزائر للأسواق والمحلات الشعبية بالمنطقة.
وتعد الجنبية من أهم الحرف والصناعات المعدنية بالمنطقة فهي من أقدم الأسلحة التي استخدمها الإنسان في الباحة وهي عبارة عن آلة حادة تثبت على مقبض خاص وتتنوع بتفاوت سعرها؛ حيث يصل سعر بعضها إلى مئات الآلاف وهذا النوع له مواصفات خاصة لا يعرفها سوى ذوو الخبرة وتتميز بالنقوش والزخارف الفضية , وتبرز استخدامات الجنبية في احتزام الرجال بها منذ القدم وحتى اليوم وخاصة خلال المناسبات الكبيرة وأثناء تأدية العرضات التي تشتهر بها المنطقة إلى جانب عرضها في مجلس الضيف بالمنزل للتباهي بها والتفاخر بجودتها أو قدمها.
ومن الملفت للزائر في الأسواق والمحلات الشعبية بالمنطقة هي تلك الرائحة النفاثة لمادة القطران أو ما يعرف بالشوب الذي يعمل عدد من الحرفيين بصناعته ويستخرج من أشجار السمر المنتشرة بكثرة في المنطقة , وتلقى هذه الصناعة رواجاً كبيراً وهي مادة ذات لون أسود وتستخدم في طلاء الأبواب والنوافذ في البيوت القديمة كما ينتفع بها أحيانا في علاج الإبل والأغنام لعلاجها من الأمراض الجلدية.