جدة ـــ مهند قحطان
واجهتنا بعض العقبات في بداية المشوار وتمكنا من تجاوزها بروح الإصرار والعمل الجاد وحُب القراءة والتعلم وتحقيق الأحلام، بهذه الكلمات استهل اثنان من الموهوبين السعوديين حديثهما ، مؤكدين أن عشق الروبوتات يسري في شرايينهما منذ مراحل الدراسة الأولى وزاد هذا الشغف حينما التحقا بالجامعة، لافتين في الوقت نفسه إلى أنهما تلقيا دعما متواصلا لتحقيق طموحاتهما ما شكل بالنسبة لهما الدافع الحقيقي لمواصلة بناء الأفكار والأحلام وتحويلها إلى واقع عبر الابتكار والمساهمة في نمو المجتمع وخدمة رؤية المملكة 2030.
” البلاد ” التقت كلا من الموهوبين رائد قملو وعمر فالوده والذين أوضحا إن الطموح يُبنى من ثقافة التشجيع المستمر، سواء الأسرة والصحبة الصالحة، وأن الأفكار في بداية الأمر قد تبدأ عن طريق الصدفة، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن الشباب قادرون على قيادة مستقبل الربوت. واكدا على ضرورة إطلاق برنامج متكامل للمخترعين بشراكة فاعلة من المؤسسات الحكومية، لدعم ابتكاراتهما، مشيرين إلى أنهما ابتكرا إنجازات خلاقة تسهم في دعم التقينة،
كما أنهما تمكنا من ابتكار آليات ذكية تصنع المستقبل وهي عبارة عن روبوتات ذات طبيعة عملية، وفي هذا السياق أكد رائد بقوله ” اخترعنا جهازاً اسمه فيكس وجهازاً آخر تحت مسمى بايلود وهذه الاجهزة ستكون لها فاعلية في المنازل والمصانع وتساعد في المهمات الصعبة مثل المهمات الكهربائية أو استخدامها في المناطق الوعرة والتضاريس التي لا يستطيع الإنسان الوصول إليها مثل الجبال والبنايات العالية.
إدارة المصانع
وأضاف رائد أن جهاز بايلود هو آلية تعليمية ويدخل في مسابقات كثيرة منها كرة القدم ورياضة المصارعة، كما أن الربوت بايلود يمكنه ان يدير المصانع وكل ما يحتاجه هو الصيانة كل 6 أشهر ويمكن برمجته وفقا للأعمال التي يريد الإنسان ان ينجزها.
ومن جهته قال عمرو إن روبوت فيكس مكون من لاقط لرفع المعدات من موقع لآخر وفرزها وهو مخصص لرفع المركبات أيا كان نوعها وهو يعمل بتقنية الرموت كنترول ومن أمثلة ذلك عند قيام أحد المصانع برفع باب ثقيل فإن مثل هذا العمل يحتاج إلى 3 رجال لرفعه ولكن الربوت فيكس يقوم بهذا العمل خلال دقائق معدودة بالأمر من خلال الريموت كونترول.
مشاركة بالمسابقات
وأضاف عمرو إنهما شاركا في البداية بالمسابقات الخاصة بوزارة التعليم لكن حصلنا على المركز الثالث على مستوى مدينة جدة، من هنا اكتشفنا الأخطاء التي حرمتنا من الجائزة الأولى وطورنا أنفسنا حتى اصبحنا “محكمين” لهذا المسابقة، ومن ثم توجهنا للمسابقات الجامعية ونحن حينها طلاب ثانوية وتم اعتمادنا لتدريب طلاب اكبر منا سنا وفي مراحل دراسية عليا، ومنذ العام 2016 ونحن نشارك في الفعاليات العلمية المحلية ونحصد الجوائز الاولى على مستوى المملكة وفي عام 2018 حصلنا على المركز الثاني على مستوى الخليج، وكل هذه الحوافز بمثابة المحرك الرئيسي والشغف الذي يدفعنا لمزيد من العطاء.
وتابع بقوله: كل شيء لا يأتي بالسهولة خصوصا الأمور العلمية والتي لا تأتي بالسهل وان المخترع بحاجة الى أمور كثيرة منها الدعم المادي والدعم النفسي والمعنوي الدعم اللوجستي بشكل عام.
نصائح الأهل
وامسك رائد بخيط الحديث وقال إنهما كانا في الماضي يسمعان بعض النصائح من الأهل مثل عبارة (ابتعد عن العاب الأطفال وركز في دراستك ولا تجعل هذه الآلات تأخذ وقتك) واليوم نحن نعمل ونجتهد ونصنع وجميعا نتعلم من اخطائنا ونؤكد أننا نسير في الطريق الصحيح لجعل الروبوتات أحد الآليات التي تدخل في كل مناحي الحياة لافتا إلى أن مجال الروبوتات يعتبر واحدًا من أهم تخصصات المستقبل وهو فرع من العلوم يشهد تطوراً ونمواً لا مثيل له ومن المتوقع أن يكون من أكثر التخصصات المطلوبة في سوق العمل في المستقبل حيث أنه علم واسع لا يقتصر على بناء الروبوتات وحسب.
وفي نفس السياق أكد عمر بقوله : نحن نواكب رؤية 2030 والرؤية تعتمد على مجال الروبوت ومجال البرمجة ومجال الالكترونيات ونعتمد على تقديم الدورات لنشر وتدريس علم الروبوت وتثقيف المجتمع في هذا المجال ولله الحمد نحن الآن أصغر معيدين في الجامعات السعودية ونعمل وفق فريق عملي وهو في طور التوسع في منطقة مكة المكرمة.
النشاط اللاصفى
يؤكد الشابان الموهوبان على ضرورة توفير النشاط اللاصفي ليستفيد منه المبدعون ويقدمون ابتكاراتهم في مكان يسمح لهم بممارسة إبداعهم بطريقة متكاملة، داعين لتشكيل رابطة للمبدعين والمبتكرين يكون أعضاؤها من الطلاب فقط يتبادلون الزيارات والأنشطة في ملتقياتهم لمناقشة مقترحاتهم وتطويرها إضافة إلى تنويع مصادر التفكير.
فضلا عن ضرورة توفير بيئة صحية وتقديم المساعدات والأخذ بيد المواهب الشابة، وقال «هناك بعض الصعوبات في استخراج براءات الاختراع بسبب الروتين لكن مثل هذه المعوقات يتم تجاوزها بعد ذلك.
إضافة إلى حتمية رعاية الابتكار والاختراع في ظل التنافسية الحادة في مختلف مجالات العلوم والتكنولوجيا، مشيرين إلى ضرورة تنمية مهارات الطلاب والعديد من المراكز الراعية للموهبة والابتكار في مختلف القطاعات والكليات، وتقديم الدعم للطلاب والطالبات الذين لديهم حس إبداع علمي وبحثي حتى يحققوا طموحاتهم.
الروبوتات تعلم تحسين البيئة التقنية
اخترع البشر الأدوات على افتراض أننا سنكون دوماً أكثر ذكاء من أدواتنا، أما الآن فقد دخلنا في عصر ستصبح فيه الأدوات قريباً أكثر ذكاء من البشر، وسيطرأ التحول على جميع القطاعات. ولقد شهدنا في السنوات العشر الماضية تحولاً كبيراً في نمط الحياة بعد انتشار الهواتف الذكية، لكن الروبوتات ستفعل ما هو أكبر من ذلك، وستكون أكبر من الإنترنت، فالعقل البشري لا يتطور بحيث تتضاعف قدراته، لكن هذا ما يحدث للتكنولوجيا، والبشر سيبقون دوماً في المقدمة فيما يتعلق بالإبداع، لكن التعلم العميق في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يتيح للحواسيب أن تتعلم بذاتها، يعد بنشوء ذكاء خارق سيكون له أثر على قدرات الذكاء والتواصل،
وحين قام الروبوت يومي بقيادة أوركسترا مؤخراً شارك فيها الفنان الإيطالي الشهير أندريا بوتشيلي فإنه لم يحتج سوى 17 ساعة حتى تعلم ما هو مطلوب، وهي عملية كانت ستستغرق 5 إلى 10 سنوات من العمليات البرمجية لو أردنا فعل الأمر ذاته قبل 5 سنوات من اليوم”.
وفي عرض آخر قام روبوت بحل أحجية مكعب روبيك وذلك بالاعتماد على التقاط صور من ست زوايا مختلفة، وذلك لتوضيح القدرات الإدراكية الموقفية وحساب الخطوات المنطقية التي يتمتع بها هذا الروبوت.
وفي حين يبلغ معدل الذكاء الطبيعي عند البشر 100 درجة، فإن الجيل الأول من الروبوتات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ستمتلك معدل ذكاء يصل إلى 10 آلاف درجة. ومن المرجح أن يستمر تطبيق هذه التطورات التقنية في مرحلتها الأولى في التأثير على مجالات النقل والخدمات اللوجستية والإنشاءات، وسيتبع ذلك تطبيقات للمزيد من المهام البشرية في المستقبل القريب.
ويعد استخدام تقنية الروبوتات من أجل تحسين البيئات التكنولوجية هو المحرك الحقيقي لثورة الذكاء الاصطناعي.
كما أن فرصة الدمج بين تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد والبيانات الضخمة والروبوتات قد تؤدي على سبيل المثال إلى أتمتة حلول الرعاية الصحية.
ولا شك أن الروبوتات ستساعد في تسريع مثل هذه العملية، ولعل أحد أهم التطبيقات في هذا المجال هو العناية بالأشخاص الذين يعانون من بعض الصعوبات الحركية.
يذكر أن الفريق السعودي سبق وان حقق المركز السابع في الفئة المتقدمة على مستوى العالم في الأولمبياد العالمي للروبوت «WRO» في المجر، بمشاركة 74 دولة، وتنافس أكثر من 423 فريقاً ،وكانت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات قد هيأت 8 فرق في معسكر تأهيلي للمشاركة العالمية، بالشراكة مع وزارات التعليم والطاقة والصناعة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووحدة التحول الرقمي والاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز والاتحاد السعودي للرياضات اللاسلكية والتحكم عن بعد وجمعية إنسان.