جدة ـ ياسر بن يوسف
جسد 100 طالب من 12 جامعة سعودية وخليجية شاركوا في فعاليات المهرجان المسرحي الخامس لجامعات ومؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية, الموهبة التي تحولت إلى إبداعات على خشبات مسارح عمادة شؤون الطلاب بجامعة الملك عبدالعزيز التي استضافت هذا المهرجان في دورته الحالي واختتمت فعالياته أمس، وعددها 5 مسارح بطاقة استيعابية تتجاوز الـ 4000 مقعد لاستيعاب التنافس الكبير الذي يثري الحراك المسرحي الخليجي.
وحقق الطلاب المشاركون نجاحات على مستوى التمثيل، وتقديم العروض المسرحية في أبهى صورها، والتنقل بين مختلف الفقرات بصورة متقنة، وفق أدوارهم وتمكنهم من إيصال الرسالة النصية للجمهور ، الذي ينتظر الإثارة والمتعة، إلى جانب مساندة فرق العمل المتخصصة في الشأن الفني كالديكور والصوت والملابس والمؤثرات الفنية الأخرى التي تزيد من إثراء العرض المسرحي المقدم.
وتمكن الطلاب من ترسيخ عمق التعاون والتعارف بين طلاب الجامعات الخليجية ، للخروج بصورة متميزة عن المجتمع الخليجي الذي يُعد لحمة واحدة ، ويشترك في أرضيات ثقافية تتسم بالتنوع وجمال المحتوى ، الذي يصوره المسرح ، ويحوله إلى عملٍ متكامل ، يتسم بالموضوعية ودقة الوصف ، الذي يعكف عليه المؤلف والمخرج والممثلين. وأثرت الندوات التطبيقية وما واكبها من دراسات نقدية مسرحية فعاليات المهرجان بمشاركة نخبة من الكتاب والمؤلفين والمخرجين والمتخصصين في الفن المسرحي على المستوى المحلي والخليجي والعربي ، التي أكدت ضرورة تنمية الإبداعات الطلابية في مجالات العمل المسرحي كافة ، وذلك عبر هذه المهرجانات التي تُعد تجمعات طلابية ثقافية لإثراء مواهب وإبداعات الشباب الجامعي الخليجي. ورسمت 14 ندوة تطبيقية وورش عمل ودورات تأهيلية ، مدى الشغف الكبير تجاه المسرح ، في ظل السعي لإيجاد جمهور مسرحي محب للمسرح ، باعتبار هذا المهرجان بيئة ومناخ فني خصب لإبداعات الشباب.
كما غطت الندوات النقد المسرحي لكل مسرحية مقدمة من الجامعات الخليجية في المهرجان، شاملاً الجوانب الفنية والتنظيمية المشاركة والتقيد بالشروط الإبداعية والفنية ، بمشاركة عدد من الناقدين، سعياً لتوسيع أجواء المنافسة والارتقاء بالظاهرة المسرحية في أروقة الجامعة في دول مجلس التعاون ، في الوقت الذي خضعت فيها عملية تحكيم النصوص والعروض المسرحية لمعايير إجرائية تنظيمية وموضوعية وفنية عديدة من قبل لجنة التحكيم التي ضمت في عضويتها متخصصين في النقد والمؤلفين المسرحيين والمخرجين. وشهد المسرح الخليجي في مسيرته التي تمتد لعقود طوال من الأزمنة ، حصيلة من الخبرات وتعدد المدارس على مستوى الشكل والمضمون ، في مشاركة رئيسة عبر الفكرة والطرح وصياغة المضمون في الحراك الفني والثقافي ، فضلاً عن تنوع مؤسساته ومهرجاناته وجوائزه ، كما شهدت الساحة المسرحية الخليجية تطوراً على مستوى التقنيات المستخدمة والموضوعات المطروحة.
ويحمل المسرح الخليجي الهوية الحضارية التي تعبر عن ذائقة المتلقي الخليجي ، خاصة وأن بعض العروض أخذت تتبنى الصبغة العالمية على مستوى المضمون والسينوغرافيا ، في محاولة لأن يحاول المسرح الخليجي باللحاق بركب المسرح العالمي ، مع الحفاظ على هويته الخليجية الأصيلة ، وتقديم العمل المتطور المواكب للحداثة والمستند على عراقة الموروث الفني الثقافي لدول الخليج العربية. وحظي المسرح الخليجي بالتنوع على مستوى الكتابة والتأليف والإخراج ، للوصول للتألق والإبداع ، خدمة للإرث الإنساني بجميع تفاصيله وعناصره ومكوناته ، حيث أنه تتداخل فيه الأفعال والمخيلة في تشكيل فضاء هوية العرض المسرحي ، وهو في حالة تجدد وتحول في تشكيل أفق جديد ، إلى جانب أنه يملك تجارب ثرية ، شكلت عمومية في قراءة تشكيل التجربة المسرحية من خلال المنتج المسرحي.
يذكر أن المهرجان المسرحي الخامس لجامعات ومؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، شهد انطلاقته الأولى عام 2006م ، واستضافته جامعة الكويت ، ثم جامعة البحرين في دورته الثانية عام 2010م ، ثم استضافت جامعة الملك سعود الدورة الثالثة للمهرجان عام 2013م ، وبعدها الدورة الربعة عام 2016م التي استضافت جامعة السلطان قابوس.
وضمت الدورة الخامسة الحالية للمهرجان التي أقيمت في رحاب جامعة الملك عبدالعزيز 12 جامعة سعودية وخليجية هي : جامعة الملك عبدالعزيز التي شاركت بمسرحية “ليلة القتلة” ، وجامعة البحرين بمسرحية “القادم” ، وجامعة الكويت بمسرحية “التيه” ، وجامعة السلطان قابوس بمسرحية “شهادة من رماد” ، وجامعة الطائف بمسرحية “نعش” ، وجامعة أم القرى بـ “العاصفة” ، وجامعة الملك سعود بـ “مجلس عدل” ، وجامعة جازان بـ “الانتصار أو الموت أو كلاهما” ، وجامعة الحدود الشمالية بمسرحية “صراح” ، وجامعة الجوف بـ “شباب في ورطة” وجامعة طيبة بـ “أوراق منسية” ، وجامعة الملك خالد بـ “جياع”.
وحملت العروض المسرحية المقدمة موضوعات متنوعة بين الكوميديا والتراجيديا ، والدراما ، عبر شباب خليجي استطاع دفع الحراك المسرحي وتقديم أعمالاً مسرحية مميزة في مختلف الجوانب ، والتوغل في أعماق المجتمع وقضاياه الجوهرية ، مما يجسد مسيرة المسرح الخليجي المتسمة بالجماهيرية.