سؤال يختلج في بال الكثيرين بأن نظام ولاية الفقيه يستطيع تحجيم الحركات الشعبية المستمرة بفعل القمع، خاصة وأن هذا النظام لديه ما يكفي من الأسلحة. نعم، ليس هناك شكّ أن نظام الملالي نظام قمعي بامتياز. النظام الذي كان ولايزال يملك الرقم القياسي في الإعدام في العالم وقام خلال عدة أشهر بارتكاب مجزرة بحق ثلاثين ألفاً من السجناء السياسيين.
لكن موازنة القوى في إيران يبقى بين النظام والشعب الإيراني بكافة أطيافه وأعراقه وأديانه وطوائفه. وفي هذه المعادلة لن يكتب النجاح لنظام أفقر الشعب الإيراني أكثر من خمس مرات منذ أن جاء إلى السلطة وأعدم أكثر من مائة وعشرين ألفا من أفضل أبناء إيران بسبب تطلعهم نحو إيران حرة ديمقراطية. وفي هذه المعادلة لن تفيد النظام الأسلحة والمعدات العسكرية والصواريخ. هذه الحقيقة ماثلة أمام النظام ولذا نرى أن نائب مجلس الملالي يقول: “عندما سقط الاتحاد السوفيتي كان يملك 13 ألف رأس نووي وكان يحكم مصائر 20 دولة في العالم و كانت لديه محطة فضاء، لكنه تفكك في شوارع موسكو”. في نهاية المطاف سيقول الشعب الإيراني ومقاومته الكلمة الأخيرة بترجمة شعارات أبناء الشعب «الموت لخامئني» و«الموت لروحاني»
الشعب هو السلاح الأقدر.
العامل الرئيس للتغيير في إيران هو الشعب الإيراني ومقاومة هذا الشعب. وكل شيء آخر يأتي كعامل مساعد لهذه المعادلة. ولهذا السبب رحّبت السيدة مريم رجوي رئيسة جمهورية المقاومة الإيرانية بفرض العقوبات على نظام الملالي.
كما استقبلت مواقف وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو حيال نظام الملالي في خطابه بالقاهرة وأكّدت على ضرورة تحقيق النقاط التالية:الاعتراف بحق مقاومة الشعب في إسقاط نظام الإرهاب الحاكم في إيران باسم الدين – إدراج قوات الحرس ووزارة مخابرات الملالي في قوائم الإرهاب الأمريكية والأوروبية- طرد عملاء مخابرات الملالي وقوة القدس الإرهابية من أمريكا وأوروبا- إحالة ملف انتهاك حقوق الإنسان في إيران إلى مجلس الأمن الدولي وإحالة ملف مجزرة السجناء السياسيين إلى محكمة دولية- طرد نظام الملالي من الأمم المتحدة والاعتراف بمقاومة الشعب الإيراني- طرد ميليشيات هذا النظام من سوريا والعراق واليمن ولبنان وأفغانستان.
العقوبات على النظام ولا الشعب
ما يجب التذكير به هو أن العقوبات ليست على الشعب بل على النظام. يعرف الجميع أنه وبعد الاتفاق النووي هرع الكثير من الشركات الغربية إلى طهران وبلغ حجم تصدير النفط الإيراني من مليون برميل إلى أكثر من مليونين ونصف المليون برميل يومياً. كما أن الاتفاق إدى إلى الإفراج عن مائة وخمسين مليار دولار من الأموال المجمّدة الإيرانية. لكن كل هذه الأموال الهائلة لم تحسّن شيئاً في المستوى المعيشي لأبناء الشعب الإيراني، بل بالعكس بلغ عدد المواطنين تحت خط الفقر أكثر من 40 مليون شخص، أي نصف سكّان إيران، وارتفعت نسبة البطالة وارتفعت الأسعار بشك جنوني و… والسبب واضح: الأموال التي حصل عليها النظام صرفها في مجال تصدير الحروب إلى سوريا واليمن والعراق وأعطاها لحزب الله والحوثيين،أو أنفقها لتوسيع مشاريعه الصاروخية والنووية، أو ذهبت إلى حسابات الملالي وقادة الحرس.
المقاومة مستمرة في الداخل
في جملة واحدة الوضع الشعبي في إيران متفجّر وقد أفادت تقارير معاقل الانتفاضة من داخل إيران أن ما مجموعه 529 حركة احتجاجية وقعت خلال شهر ديسمبر الفائت في أكثر من 103مدن من قبل مختلف شرائح الشعب، وهذا يعادل 17حركة احتجاجية يومياً ضد النظام.
وكانت بين هذه الحركات 144حالة بين العمال، و19بين المواطنين المنهوبة أموالهم، و4 بين المتقاعدين، و7 بين التربويين، و63 بين الطلاب، و140 بين سائقي الشاحنات، و22حالة بين المزارعين، و11 حالة إضراب عن الطعام بين السجناء السياسيين، و94 حالة بين الشرائح الأخرى وكانت محصّلة التحركات الشعبية طوال 12 شهراً من العام الماضي أكثر من عشرة آلاف حركة احتجاج..
ومع أن النظام لم يدّخر أي محاولة للقمع من عمليات القتل داخل الشوارع والقتل تحت التعذيب واختطاف المواطنين وقتلهم سرّاً، واستخدام مختلف أساليب الحرب النفسية والحيل والدجل لكنه لم ينجح في إخماد نار الانتفاضات والاحتجاجات. وهذا الواقع سجّل أهم تطوّر في هذا المجال يمكن وصفه بمكسب استراتيجي وهي إمكانية مواصلة الانتفاضة في أجواء القمع المطلق. هذه الظاهرة الجديدة في تاريخ الاحتجاجات تكرّست بفعل نشاطات معاقل الانتفاضة ومجالس المقاومة التابعة لحركة مجاهدي خلق.
لم يبق للنظام أية شعبية
نشرت عملية استطلاع بين مختلف فئات الإيرانيين، والاستطلاع شمل أكثر من ثلاثة وثمانين ألف شخص وطرح عدة أسئلة أذكر هنا ثلاثة منها:
س. هل أنتم مع السياسيين الأوروبيين الذين يرون أن تغيير نظام ولاية الفقيه سيؤدي إلى عدم الاستقرار في الشرق الأوسط؟
ج. 3.41%موافق جداً. 6.91%موافق. 15.39%معارض. 74.28% معارض جداَ
س. هل تشاركون في الانتخابات المقبلة في إيران؟
ج. 2.95% سنشارك. 97% لن نشارك
س. ما هي السياسة التي يجب على الاتحاد الأوروبي اتخاذها حيال إيران؟
ج. 3.32% سياسة المهادنة مع النظام. 26.03%سياسة الدفاع عن حقوق الإنسان. 70.65% مساعدة القوى المطالبة بإسقاط النظام.
بعيدا عن هذا الاستطلاع ومدى صحته، العديد من زعماء النظام يتحدثون هذه الأيام عن نفاد شعبية هذا النظام. حيث قال محمد باقر قالي باف مرشّح الرئاسة وعمدة طهران سابقاً بأن 4% فقط من سكان إيران يؤيدون النظام. كما أن عبدالله جواد آملي أحد كبار رجال الدين قال قبل أشهر: “لو انتفض الشعب سيلقي بنا في البحر، رغم أن الكثيرين هربوا من البلاد، لكن نحن ليس لدينا مكان نهرب إليه”.
منذ بداية الانتفاضة كانت شعارات « أيها الإصلاحيون والأصوليون انتهت اللعبة»، و«عدوّنا قابع هنا، كذباً يقولون أنه أميركا»، و«جعلوا من الإسلام سلّماً لإذلال الشعب»، و«ندير ظهرنا للعدوّ ونتوجّه للوطن»، و«هيهات منّا الذلّة»، إضافة إلى مئات الشعارات بضرورة إسقاط خامنئي وروحاني والنظام كله.
البديل جاهز للنظام
البديل هو التيار الذي له جذور ثابتة في مقاومة الشعب منذ قديم الزمان وله خلفية نضالية وسياسية واضحة في سبيل مصالح الشعب، و له برامج وخطوط عريضة مستقبلية لإيران الغد، كما يجب أن يكون لديه تنظيم سياسي ذا كفاءة لقيادة نضال الشعب، وقبل كل هذا وبعده يجب أن يكون مستعدّاً لدفع الثمن.
المقاومة الإيرانية هي التي بدأت نشاطها النضالي منذ 54 عاماً ضد دكتاتورية الشاه. كما أنها وقفت منذ اليوم الأول في وجه الهجمة الخمينية، ودفعت ثمناً باهظاً للدفاع عن قضية الشعب الإيراني ولتحقيق الحرية والديمقراطية؛ منها مائة وعشرين ألف شهيد سقطوا خلال المجازر والاعدامات الجماعية بيد نظام الملالي، ومن بينها مجزرة عام 1988 بحق ثلاثين ألف سجين سياسي. هذه المقاومة لها خطوط عريضة واضحة ومعلنة لجميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها وبرامج ومشاريع محدّدة. وتم استخلاص هذه البرامج في المواد العشرة التي أعلنتها السيدة مريم رجوي رئيسة جمهورية المقاومة. هناك جسم سياسي باسم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يعتبر برلمان المقاومة في المنفى كما انبثقت من هذا المجلس 25 لجنة، اللجان التي تعتبر نواة للوزارات المستقبلية للفترة الانتقالية.
علاوة على المجلس الوطني للمقاومة هناك آلاف من كوادر هذه الحركة منتشرين في مختلف دول العالم خاصة أكثر من ألفين وخمسمائة منهم في ألبانيا في قاعدة باسم «أشرف الثالث». هذه المجموعات هي خلاصة نضالات الشعب الإيراني ضد نظامي الشاه والملالي. ولديهم استعداد وكفاءة لتحويل إيران إلى بلد ديمقراطي مسالم ومزدهر ومتقدّم لتكون واحة الاستقرار والسلام والرقيّ في منطقة الشرق الأوسط.
*رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية