من بين ازقة” مكة المكرمة ” تفجرت موهبته وهو في عقده الأول، وكانت مكة بالنسبة له المحطة الأولى التي ألهمته من عراقة تاريخها وعبق تراثها الكثير ، ثم لمع اسمه فجأة على صدر العملة والصحف الصادرة في المملكة، تولد لديه الشغف في طفولته وحبه لموهبته التي تحولت بعد ذلك الى وسام حمله معه الى يومنا هذا، كما أن توقيعه الشهير تحت كل خط من مخطوطاته جعل اسمه يعبر كل الأرجاء السعودية، سواء على العملات أو على الصحف والمجلات ، او على الكتب.
اكثر من نصف قرن قضاه خوجة في خدمة الصحف والعملة ومختلف أنواع المطبوعات ومازالت اعماله خالدة الى اليوم، تلك هي قصة للخطاط : عبدالرزاق خوجة الذي جاء الى مقر صحيفة “البلاد” وأجرينا معه هذا الحوار.
حاوره : مشير الشارحي
حيث قال اولاً يشرفني أن اكون اليوم معكم هنا في هذه المؤسسة الكبيرة التي لها تاريخ عريق والتي عملت فيها لفترة طويلة، وأنا اليوم سعيد جدا وانا ارى جزءا كبيرا من اعمالي الموثقة لديكم والمعلقة على اروقة المؤسسة.
ومنذ عقود عملت في خط مانشيتات وعناوين “البلاد” وغيرها من الصحف ، والتي كانت تعتبر الواجهة الثقافية للمجتمع وكنت اعتبر خطي على الصحف انجازا لا يوصف وشعورا جميلا جداً.
وعن بداياته يقول: كانت مبكرة عندما كنت طالباً في المدرسة الفخرية وهي من أعرق المدارس حيث عندما ظهرت موهبتي فجأة ولفتت انتباه المدرسين في المدرسة فكانوا يشجعونني الى ان وصلت المتوسطة، ثم تلقيت عرضا من صحيفة الندوة لأكتب فيها العناوين والمانشيتات وعملت بها لمدة 7 اشهر وبعدها انتقلت الى دار الأصفهاني للطباعة لأعمل مع جريدة “البلاد” براتب (600) ريال كان حينها هذا المبلغ يعتبر عرضا مغريا بالنسبة لي ولوالدي الذي استشرته في تلك الفترة.
وكان اول عملي هو عبارة عن “مانشيت” خططته لصحيفة الندوة عام 1381هـ
وكان عنوانا بارزا في الصفحة الأولى “أربعون مليون ريال للمشاريع العامة بمكة”
• ماذا عن صحيفة “البلاد” وباقي الصحف ؟
قمت بالخط لجريدة البلاد لأول مرة سنة 1382هـ عندما كان حسن قزاز رحمة الله عليه رئيس تحريرها ، وبعدها تحول الجرائد إلى مؤسسات وخلال تولي عبد المجيد شبشكي رئاسة تحريرها،وجريدة “المدينة” كانت تطبع في دار الأصفهاني بعد العام 1382هـ، وخططت لها في عهد عبد الغفور ومحمد صلاح الدين أما عكاظ فقط خططت لها في التسعينات عندما كان عبدالله خياط رئيس التحرير.
• ماهي ابرز محطة في حياتك مع الخط العربي؟
ابرز محطة كانت عندما خططت أول عملة ورقية سعودية “الريال” في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله عام 1387هـ ثم خططت العملة الورقية التي صدرت في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله العام 1396هـ بنفس الكتابات الموجودة على العملة في عهد الملك فيصل رحمه الله .
وهذه المحطة هي التي كانت مميزة بالنسبة لي.
من دعاك لهذه المهمة ؟
كنت اعمل في مطابع الأصفهاني المختصة بطباعة الكتب والجرائد والمجلات ، وجاءت مؤسسة النقد الى المؤسسة تبحث عن خطاط فرشحني الشيخ محمد حسين أصفهاني رحمه الله لهذه المهمة ، حينها طلبوا مني ان اقوم بخط بعض العبارات كاختبار اولي فاعجبوا بي واختاروني وبدأت العمل معهم في كتابة العبارات على العملة المعدنية والورقية.
• هل عملت ايضا في نفس الوقت لجهات أو مؤسسات اخرى؟
نعم تعاونت مع وزارة الخارجية لمدة سبع سنوات لكتابة وخط جوازات السفر للسياسيين والدبلوماسيين والسفراء اضافة الى تعاوني مع المراسم الملكية لكتابة الأوسمة والنياشين التي تمنح لرؤساء الدول والمكرمين من الوزراء.
هذا الى جانب انني قمت بتعليم طلبة الدفاع الجوي من ذوي الرتب البسيطة لسنين طويلة ،اضافة الى اني كنت أخط عناوين وترويسات الكتب الدراسية .
• ماهي الأشياء التي تصنع خطاطاً في رأيك ؟
دعني اخبرك أولاً ان الموهبة هي التي تصنع الفارق الكبير في أي مجال فني وهي الأساس لخلق خطاط أيضاً ثم يأتي العشق لهذه الموهبة وحبها، اضف الى ذلك الممارسة والتعليم والمستمر عبر المطالعة للمخطوطات وكراسات الخط ثم تطبيقها عبر التمارين المستمرة.
من بين أنواع الخطوط العربية المتعددة • ماهي أحب الخطوط الى الفنان عبدالرزاق؟
خط الثلث والخط الديواني تعتبر من أجمل الخطوط نظراً لجمالهما وسلاستهما، وهما الخطان الوحيدان برأيي اللذان يبينان مهارة الخطاط، وقد خططت على العملة السعودية بخط الثلث.
• هل شاركت في مخطوطات الحرم المكي؟
لم تسنح لي الفرصة للمشاركة في كتابات احزمة الحرم المكي لكن لدي مشاركات داخلية في عدة معارض اقمتها هنا في المملكة العربية السعودية ولدي مشاركات خارجية أيضا حيث شاركت في معرض فني أقيم في تركيا وحصلت على تقدير “جيد جيدا ” بعد مشاركتي هناك بعرض أعمالي.
•هل اثرت التقنية وخطوط الكمبيوتر على الخط العربي المكتوب باليد ؟
هي لم تؤثر لكنها فقط سهلت المهمة واختصرت الوقت وساعدت الخطاطين في كتابة أعمالهم وفي الأساس خطوط الكمبيوتر هي خطوط كتبت بخط اليد اولاً، وما يزال خط اليد هو الخط الحي لان فيه روح عمل عكس الجمود الموجود في خطوط الكمبيوتر.
لكن بالنسبة لعملنا كخطاطين في الصحف اثر علينا لآن المطبوعات اعتمدت بشكل مباشر على الكمبيوتر.