الدولية

التهدئة مع الاحتلال .. تكريس لدولة غزة وضربة للمشروع الفلسطيني

البلاد – مها العواودة

يشهد ملف التهدئة بين حركة حماس وإسرائيل تطورات متقدمة، وبدأت الحركة التي تسوق نفسها كبديل لمنظمة التحرير الفلسطينية ترجمة التهدئة غير المعلنة على الأرض، من خلال إلغاء “مسيرات العودة وفك الحصار” الأسبوعية، واقتصارها على المناسبات الوطنية مع ضرورة أن تكون هادئة، وتوسيع قائمة البضائع المسموح بدخولها إلى غزة، والتزامها بوقف اطلاق النار رغم خروقات إسرائيل واستهداف الفلسطينيين.

من جهتها ترى السلطة الفلسطينية أن توصل حماس إلى تهدئة مع الاحتلال بشكل منفرد يعزز سيطرة الحركة على غزة، ويكرس فكرة إقامة كيان منفصل في القطاع، وهو أمر لطالما خططت إسرائيل لتحقيقه، مؤكدة أن الاتفاق يطيل عمر الانقسام الفلسطيني، بينما ذهبت حماس إلى النفي والاستنكار رغم أن الواقع على الأرض يدحض موقفها.

هذه التطورات المتلاحقة في ملف التهدئة أكدتها إسرائيل، وقد أفردت وسائل الإعلام العبرية مساحات واسعة لملف التهدئة في غزة، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدفع باتجاه التوصل لتهدئة في غزة لأسباب عدة، أهمها أولًا: احتواء القطاع مع اقتراب موعد الانتخابات الثالثة الإسرائيلية، وثانيًا: التفرغ للجبهة الشمالية، منوهة إلى أن المستوى العسكري في إسرائيل يدفع بقوة نحو ابرام تهدئة طويلة الأمد مع حماس مدتها 5 سنوات، تتضمن السماح لـ 6000 فلسطيني من غزة بالعمل في إسرائيل وتوسيع مساحة الصيد، وزيادة قائمة البضائع الموردة لغزة، مقابل توقف مسيرات العودة والقذائف الصاروخية التي تطلق من غزة على المستوطنات .

وسبق لحماس وإسرائيل التوصل في السابق لعدة اتفاقيات تهدئة، لكنها لم تنفذ بشكل كامل، فعلى مدار 13 عامًا من تفاهمات التهدئة المتبادلة لم تلتزم إسرائيل بها ولم ترفع الحصار، ورغم تأكيدها الالتزام ببند ” الهدوء مقابل الهدوء”، تنتهكه بعمليات اغتيال مباغته لقيادات فلسطينية في قطاع غزة.

• الرابح الأكبر
وحذر واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من خطورة التوصل لتهدئة في غزة بدون توافق وطني شامل عليها، مشيرًا إلى أن ذهاب حماس إلى هكذا نوع من التهدئة مع الاحتلال يعرض القضية الفلسطينية للخطر، خاصة وإسرائيل لن تقدم في إطار تلك التهدئة إلا الفتات وستكون الرابح الأكبر.

وأضاف لـ(البلاد) أن التهدئة يجب أن تتم وفق الأسس الوطنية، وذهاب حماس للتهدئة تكريس لكيان منفصل في غزة، وخطة مميتة لضرب المشروع الوطني.

وأكد أبو يوسف أننا أمام صفقة سياسية بين حماس وإسرائيل، تقوم على أساس فرض الحركة لرؤيتها الحزبية، مما يصب في خانة المخططات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية.

• تبادل الأسرى
وقال طلال عوكل الكاتب والمحلل السياسي إن التهدئة بين حماس وإسرائيل بدأت تطبق فعليًا على الأرض، وعلى سبيل المثال لا الحصر، التخفيف من مسيرات العودة، وسماح إسرائيل بالتصدير والاستيراد للبضائع من وإلى غزة؛ كلها حقائق تؤكد التقدم الكبير في ملف التهدئة الآخذ بالتبلور بوساطة أممية .

وأضاف لـ(البلاد) أن ملف الجنود الإسرائيليين المفقودين في غزة، سيحل في حال التزمت إسرائيل لأطراف الوساطات بإبرام صفقة تبادل أسرى جديدة، لكنه استدرك قائلًا :”إسرائيل لم تلتزم باتفاقيات التهدئة السابقة وهي تتصرف وفق مصالحها”.
وقال وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني إن صفقة التفاهمات بين حماس وإسرائيل تندرج ضمن خطة الـ 6 نقاط التي أعلن عنها نتنياهو بما فيها الممر المائي والمطار، في إطار مشروع ضرب القضية الفلسطينية وتصفيتها وفصل قطاع غزة عن الضفة.

وطالب بالحذر في المرحلة المقبلة من أجل تفويت الفرصة على إسرائيل لمنع الاستفراد بالضفة، والعمل على توحيد المؤسسات الفلسطينية في غزة والضفة، والخروج من حالة الانقسام المقيتة، لأن مشروع إسرائيل في المرحلة القادمة هو ضم كافة المستوطنات والأغوار لما يسمى بالسيادة الإسرائيلية.

وأضاف أن كافة التقديرات تشير أن التهدئة تطبخ على نار هادئة بين الاحتلال وحماس بوساطة إقليمية ودولية، وأن جوهر التفاهمات يتجه لتهدئة طويلة الأمد، تقوم على اعتماد الحل الإنساني والاقتصادي على حساب السياسي، والتفاوض بالقطعة مع الفلسطينيين، أي تجاوز التمثيل الفلسطيني الموحد، ويمثل توقيت التهدئة طوق نجاة لنتنياهو وهو يتوجه للمرة الثالثة للانتخابات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *