البلاد – عمر رأفت
فيما يسرع مجلس النواب العراقي إجراءات مناقشة قانونَي الانتخابات ومفوضيته قبل التصويت عليهما، بعد عقد اجتماع برئاسة رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، أمس الاثنين، بحضور رؤساء وممثلي الكتل السياسية لمناقشة الأمر نفسه، ثارت حالة من الجدل في النجف بين المسؤولين السياسين والأمنيين بشأن إعلان حالة الإنذار القصوى، بعدما أحرق متظاهرون القنصلية الإيرانية في المدينة للمرة الثانية خلال أسبوع،
وساد هدوء نسبي في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، وأعلن محافظ بغداد الحداد لمدة 3 أيام على قتلى التظاهرات، بينما خرجت مسيرات نسائية في الناصرية للتعزية في ضحايا التظاهرات.
وبينما يصر المحتجون على الاستمرار في تظاهراتهم حتى تحقيق كل المطالب، بات موضوع تشكيل الحكومة الجديدة وهوية رئيسها الأكثر تداولًا وجدلًا على الساحة، وسط مطالبات شعبية بأن تؤلف من الكفاءات بعيدًا عن الطائفية والمحاصصة والنفوذ الإيراني.
وفي هذا، عبر عدد من الخبراء عن توقعاتهم بشأن هوية وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، في ظل إصرار الحراك على أن يكون الرئيس والوزراء من غير مزدوجي الجنسية ومن غير المنتمين لحزب معين وهل ستكون خارج الوصاية الإيرانية أم لا.
• اسقاط النظام
وقال الكاتب العراقي، بسام شكري، إن المتظاهرين السلميين يريدون اسقاط النظام السياسي والبرلمان والأحزاب التي شاركت في السلطة 16عامًا، حيث يطالبون بإلغاء كل القوانين بما فيها الدستور الذي كتبه الاحتلال الامريكي.
وأضاف أنه في ساحة التحرير وسط بغداد، إذا سمع المتظاهرون شخصا يتكلم باسم حزب ما يقومون بطرده من الساحة، فكلمة حزب ممنوعة.
وأشار”شكري” أن الوضع يتطور والعشائر دخلت الصراع، وأيضًا مناطق في غرب وشمال العراق، وهذا يعني أن الحكومة المقبلة إذا لم تلبي تطلعات المتظاهرين ستستمر الاحتجاجات، وبالتالي تتواصل الاشتباكات ويستمر قتل المتظاهرين ويزداد.
وأكمل الكاتب العراقي بأن العالم كله يتطلع إلى ما يحدث في العراق، ويأملون في تشكيل حكومة جديدة تدير البلاد بكفاءة ونزاهة، بعيدًا عن التدخلات الخارجية وأجندات الأحزاب والمليشيات.
الأحزاب والمليشيات
فيما قال عمرو الديب، المحاضر والباحث في معهد العلاقات الدولية والتاريخ العالمي بجامعة لوباتشيفسكي الروسية، إن استقالة رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، ليست نهاية المطاف حيث تتعدى مطالب المحتجين هذا الأمر، وهذا ما نراه في كل ساحات التظاهر.
وبين أنه بالنسبة لشكل الحكومة العراقية الجديدة، فإنها لن تكون بعيدة عن شكل الحكومات السابقة لأن دور الأحزاب والمليشيات يعوق إحداث تغييرات جذرية في المشهد.
وأشار”الديب” أنه إذا لم تتواصل التظاهرات بوتيرة أقوى وأكبر لن يكون هناك جديد في العراق، وسيستمر النفوذ الإيراني متغلغلًا عبر الأحزاب والمليشيات الموالية للنظام الحاكم في طهران.
صعوبة الاختيار
وقال أحمد المصري المتخصص في الشأن العربي إن استقالة عادل عبد المهدي لاقت ترحيبا شعبيا، لكن الشعب العراقي يريد تغييرًا جذريًا وشاملًا، فالاستقالة لا تعني أن الأمور تم حلها أو أن حكومة عراقية سيتم الموافقة عليها بسلاسة، فالحكومة لن تتشكل بالسرعة المنتظرة من البعض.
وأوضح أن إعلان كتلة سائرون أكبر كتل البرلمان العراقي، والتي يتزعمها مقتدى الصدر، التنازل عن حقها في تشكيل الحكومة الجديدة، وموافقتها على المرشح لرئاسة الحكومة الذي سيختاره الشعب، يؤكد صعوبة اختيار حكومة تحظى برضاء ودعم الشارع.
وأكد “المصري” أن أصابع ونفوذ إيران يمتد في كافة مفاصل الدولة العراقية، وهو نفوذ مناهض للاستقلال الوطني والاقتصادي، لن تحل الأزمة إلا بخروج إيران من المشهد السياسي العراقي.
الحديقة الخلفية
فيما قال هاني سليمان، المتخصص في الشأن الدولي، إن الدور الإيراني مستمر في العراق باعتبار أن طهران تعتبر بغداد الحديقة الخلفية لها.
وأضاف لـ(البلاد) أن الولايات المتحدة الأمريكية ارتكبت أخطاءً سمحت للنفوذ الإيراني بالتزايد، في وقت جندت فيه طهران أحزابًا وصنعت ومولت مليشيات موالية.
وأوضح”سليمان” أنه ومن خلال تلك المعطيات، فالعراق أهم منطقة بالنسبة لإيران، وله أهمية استراتيجية كبيرة في العقلية الإيرانية.
وقال إن المتغير في العراق أن محاولات مليشيات إيران لإرهاب المتظاهرين باءت بالفشل، ما يفتح باب الأمل نحو استقلال القرار الوطني، لكن طهران ستحاول خلال الفترة القادمة التأثير على القيادات السياسية في العراق، وهذا سيُظهر مدى تعامل المسؤولين والسياسين العراقيين مع هذا الأمر، ومدى انتمائهم لوطنهم من عدمه.