البلاد – رضا سلامة
يشهد العراق تصعيدا خطيرا بسقوط المزيد من القتلى والجرحى أمس في مدينة النجف ومحافظة ذي قار جنوبي البلاد، حيث أصيب عدد من المحتجين ، في إطلاق للرصاص بكثافة من قبل ميلشيات حاولت تفريق المتظاهرين في ساحة ثورة العشرين، وسط محافظة النجف وسقط البعض قتيلا.
من ناحيته اخرى ، أعلن محافظ النجف، أن اليوم الأحد، عطلة رسمية في عموم المحافظة، باستثناء الدوائر الأمنية والخدمية والصحية، حدادا على أرواح قتلى المظاهرات في المدينة.
وفي تطور جديد حرّض ممثل المرشد الإيراني خامنئي، حسين شريعتمداري، أمس السبت، مليشيا الحشد الشعبي الموالية لإيران باقتلاع جذور من أحرقوا قنصلية بلاده في النجف بعد ان وصفهم بـ»الأشرار المأجورين»، واحتجاز مليشيات موالية لإيران متظاهرين في النجف، مما جعل محتجين يحاصرون مقرها، ما يؤكد تصميم الملالي على منع إنطلاق قطار العراق إلى المستقبل وإبقائه كحديقة خلفية أو محافظة تابعة لهم،
مما يؤشر إلى أن استقالة عادل عبد المهدي من رئاسة الحكومة لا تغير كثيرًا في المشهد العراقي، لكنها تسلط أضواء الحقيقة على جوهر الأزمة وتضع العراقيين الثائرين وجهًا لوجه أمام أحزاب ومليشيات إيران، التي سيطرت على مفاصل الدولة بعد عام 2003، تحت ظل وزارات كانت تبدو حاكمة ومسيطرة، لكنها في حقيقة الأمر كانت رهينة للمليشيات التي بدورها لم تكن سوى أدوات لتنفيذ المشروع الإيراني في العراق والمنطقة في اطار اجنده تركزت اهدافها على الاحتلال
المتظاهرون يؤمنون في ساحات بلاد الرافدين أن جوهر القضية؛ تغيير الدستور الذي يعتبر العراقيين مكونات وليسوا مواطنين، وإنهاء توزيع السلطة وفقًا للطوائف والمحاصصة، والعودة للنظام الرئاسي بدلًا عن البرلماني، وإقرار قانون جديد للانتخابات يتيح تمثيلًا أوسع للمستقلين وفق النظام الفردي وليس القوائم، وقانون جديد لمفوضية الانتخابات يعزز معايير الشفافية والنزاهة، وتفعيل السلطة القضائية بما يسمح بمواجهة حاسمة للفساد واستعادة الأموال المنهوبة، وإعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية على أسس المهنية والاحترافية، والقضاء على فوضى السلاح وحصره بيد الدولة، وأسناد الأمر في المؤسسات والهيئات المختلفة للاختصاصيين بعيدًا عن تغول نفوذ الطوائف والأحزاب،
وهذه المطالب كلها تقضي أو تحجم كثيرًا من هيمنة الأحزاب والمليشيات الموالية لإيران وتغل يد الملالي عن العبث في الساحة العراقية، وبالتالي استقالة عادل عبد المهدي وإصرار الثوار على مطالبهم يجعل المواجهة مباشرة وجهًا لوجه بين العراقيين ومليشيات إيران ومن خلفها نظام الملالي.
لذلك قد تبدو الـ 60 يومًا الماضية من وجهة نظر المراقبين رغم بشاعتها أقل سوءًا من قادم الأيام، حيث من المتوقع تدخل الأذرع الإيرانية بشكل صريح وعنيف لإخماد الحراك الاحتجاجي، ولعرقلة الاستجابة لمطالبه التي تعد جوهرية لإنقاذ العراق من أزماته وبناء دولة ديمقراطية عادلة تواكب تطلعات العراقيين.
وكانت مليشيات الحشد الشعبي قد عمدت إلى إقحام «مرجعية النجف والعتبات» في سياق حرق المتظاهرين للقنصلية الإيرانية في المدينة، والإدعاء بتعرضهما للخطر بحثًا عن ذريعة لحملة قمع أشد على المتظاهرين.
وتصاعدت حملات المليشيات الإرهابية التابعة للملالي لقمع المتظاهرين المنددين بعربدة النفوذ الإيراني في بلدهم، والذين داوموا على إحراق صورًا لرموز إيرانية مثل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قاسم سليماني، والمرشد الإيراني علي خامنئي.
وبعد سقوط أكثر من 400 قتيل وآلاف الجرحى في موجة احتجاجات دامية استمرت شهرين في العراق، أعلن عبد المهدي أنه يتقدم باستقالته حقنًا للدماء وتفاديًا لانزلاق العراق إلى دوامة العنف. وألقى عبدالمهدي الكرة في ملعب البرلمان، قائلًا: «بالنظر إلى الظروف والعجز الواضح.. فالبرلمان مدعو لإعادة النظر في خياراته».