قبل ثلاثة اسابيع غادرت مملكتي الحبيبة ، متجها الى الصين في اول رحلة اليها ، لزيارة وتفقد معرض كانتون التجاري العالمي ، وباختصار شديد كانت رحلة طويلة ، ما خفف من عبئها وساعاتها الطوال هو راحة مقاعد الطائرة والخدمة الراقية علي خطوطنا السعودية ، لا شك ان هناك نقلة نوعية في الخدمات والاهتمام باحتياجات العملاء والمسافرين.
وعند الوصول ، سبقتنا طوابير طويلة الي كاونترات الجوازات ،. وبعد اجابتي على عشرات الاسئلة لاسباب امنية فزت بختم الدخول الى الصين ، ووصلت الفندق وانا اتوق الى حمام ساخن او فاتر ، ايا كان ، حتى اخلد الى النوم ، وبالطبع بعد رحلة طويلة يصعب علي استكشاف الفندق والغرفة كي اتعرف على محتوياتهما ، حيث انني اهتم بمعرفة ودراسة ادق التفاصيل عن غرفتي الفندقية ، فهي السكن والراحة والهدوء والملجأ بعد يوم عمل طويل.
بالنسبة لي ولكثير من المسافرين نهتم بشدة بالسرير الوثير ،والمخدة المريحة ،والغرفة المظلمة ، حتى يتوفر لي جو ملائم يستجلب النوم والصحو بعد ساعات قليلة وانا انعم بالنشاط والحيوية ، هذا بالرغم من ان معظم الفنادق آخر اهتماماتها هو نوعية المخدات ، وفجوات الستاير التي تتسلل منها اشعة الشمس المزعجة ، صحيح انني وجدت على سريري 5 مخدات ، طوال عراض ، ولكن جميعها صممت وانتقيت بنفس المواصفات لا تتيح لك بدائل الراحة تحت الرقبة ولا تتكيف وفق متطلباتك مرونة ، وكذلك الامر بالنسبة لمخدات الطائرات.
وفي اليوم التالي ذهبت الى المعرض ، ومن ضمن مابحثت عنه ، هو فكرة ،مخدة ، جديدة مبتكرة وغير مألوفة تريحني اثناء النوم ، ولكن للاسف لم اجد ، الا ان ما ابهرني هو حجم المعرض وتنوعه حيث كان صورة مصغرة وواقعية، على ان الصين هي ( مصنع العالم) باقتدار.
وعدت الي الفندق ونظرت الي سريري ومخداتي ، واخذت ادندن (بتصرف) اغنية الفنانة العظيمة وردة ، “اسأل دموع عنيه ، واسأل مخدتي ، كم دمعة رايحة جاية ،تشكيلك وحدتي وحيرتي ، بعد وفاة والدتي ” رحمة الله عليها.
كل ليلة وانا اضع رأسي علي المخدة ،اتذكر تلك الذراع التي كانت تتوسد راسي وتحملني وتتشكل وتتلوي ، لتكون مخدة مريحة لرقبتي.
يا اصدقائي ، لقد فشل العلم الحديث الى الان ، في صناعة مخدة تشبه ، ذراع والدتي ، تمنحني الراحة المطلقة ،وتبثني رائحة تبعث في نفسي السكينة والهدوء والطمأنينة.
المخدات تأثيرها كبير وقوي علي نوعية وجودة النوم حيث لكل منا طريقته في النوم علي الجانب الذي يريحه ، او الظهر ، او البطن، واخرون يفضلون النوم والوسادة مرمية علي الارض ، وبعضنا يعاني صعوبة في التنفس او الاختناق او آلام مبرحة في فقرات الرقبة والظهر.
الا انني يجب ان استدرك هنا واقول ،ان هناك محاولات تجميلية في صنع ،مخدات ذكية ، في محاولة مزعومة لدخول المستقبل حيث اضيف اليها منبه موسيقي وبعض الاضاءات التي تتسرب تدريجيا من حواف المخدات حتي يفيق الانسان علي اثرها.
ولكن كل ذلك لن يعوضني عن ذراع امي ، حيث الدفء والسكينة والرائحة ، واولا واخيرا هو حنان الام الذي اودعه المولي عز وجل في قلبها وسائر جسدها ، والذي لم تتوصل اليه التكنولوجيا العصرية.