قبل ثلاثة عقود اجتاحت العالم ثورة تنادي بان يكون عالم الاعمال ( بدون ورق) وعمل ملايين المدراء حول العالم علي تحقيق هذا الهدف وذلك بتوظيف تكنولوجيا الكمبيوتر لاداء الاعمال عبر الاتصالات بديلا عن الورق ولكن توسعت الاعمال وتطورت واصبح هناك سباق محموم اشد ضراوة للتخلص من الورق الا انه وبحلول العقد الاول من القرن 21 وبتطور شبكة الانترنت وتقدم الاتصالات وثورة المعلومات وتوظيف الالة شبه الذكية اصبحت هناك اماني واهداف ودعوات مختلفة بان يكون عالمنا بلا نفايات وبلا سائقين ولا اطباء ولا حراس امن ولا جنود للمرور او حتي بدون عمال للمصانع ولا حتي مدرسين الخ.
انني اكاد ان اطلق علي عالمنا اليوم ( عالم بدون بشر يعملون).
في مقالي اليوم سأركز معكم علي ( عالم المكاتب الرقمية ) واقصد بها العمل من دون مكاتب هذه هي الصرعة الجديدة التي ستشكل طريقة العمل عن بعد بديلا عن التجمعات المكتبية ومبانيها في مكان واحد حيث يعمل الموظفون والمستشارون من منازلهم او محال اقاماتهم او من المقاهي والحدائق العامة او حتي من غرف نومهم.
هذا التغيير وهذا النمط من التشغيل سيحقق للشركات ومراكز الاعمال وفورات وعوائد مالية ضخمة حيث تقل تكلفة ايواء الموظفين في مكاتب مكلفة وحديثة وبناء مبان تتطلب اثاثا وثيرا وكهرباء وماء ومناطق لراحة العاملين واعاشتهم الخ.
وبما ان خارطة الاعمال الحديثة والمطلوبة للشركات جديدة ومتعددة الخصائص والاختصاصات بل تكاد ان تكون نادرة فانه يصعب تواجد هذه الخبرات في مكان واحد او في مدينة او قرية واحدة لذلك نجد ان هذا النمط من المكاتب الرقمية سيتيح وينتج فرصا وظيفية بالخبرات المطلوبة اينما كانت متواجدة في جميع انحاء الدولة او الكرة الارضية.
عزيزي القارئ ما ذكرته من ايجابيات وميزات للمكاتب الرقمية لا يصب فقط في مصلحة الشركات والاعمال فحسب بل دعنا نري الوجه الاخر للعملة.
يقول خبراء الادارة والموارد البشرية ان العمل عن بعد يتيح للموظف ان يوفر وقته وجهده وماله الذي يقضيه في الانتقال اليومي الي العمل من محل اقامته والعودة اليه وربما يتطلب ذلك اكثر من ساعتين يوميا واضافة الي ذلك فان وسائل الاتصالات والانترنت وشبكات المعلومات تتيح للموظف الترحال والتنقل وفق متطلباته واحتياجاته الاجتماعية والخاصة ولكن يظل الموظف يفي ويؤدي التزاماته العملية والمهام المطلوبة منه وفق الجداول الزمنية والاهداف الموضوعة مما يساعد علي تخفيف الضغوطات عليه الناتجة عن الارهاق والامراض التي تؤدي الي الموت البطيء.
وكل ما سبق ذكره سوف ينعكس في النهاية ويتحول الي مجموعة مكاسب ستزيد من اسعاد الموظف ورفاهية حياته من جميع النواحي العائلية والاجتماعية والنفسية حيث يختار الموظف المكان والسكن والعمل بالكيفية التي يريدها.
واخيرا يا بخت المنشآت التي تدرك اهمية راحة الموظف وسعادته في حياته العملية.