* لم يمنعها حصولها في سنوات الشباب الأولى على لقب ملكة جمال مصر، أوعملها كمذيعة بالفضائية المصرية، عن فكرة البحث عن تحقيق ذاتها ولو بالصدفة البحتة عند دخولها الوسط الفني، فقلق الإبداع الذي يسيطر عليها بدأت في تفريغ شحناته تباعًا عبر الشخصيات المتباينة التي جسّدتها، فكانت الثائرة (داليا شهدي) التي ترفض الانكسار في فيلم (السفارة في العمارة) ، والأرستقراطية (رشا الورداني) الباحثة عن الخُلع في سوح القضاء رفقة الكوميديان هاني رمزي في (محامي خُلع) ، والزوجة الرومانسية أحيانا؛ و(المفروسة) أحايين أخرى مما ينعكس سلباً على أبنائها في المنزل فلا يجدون غير الرعب على الملامح والشاشة .
* وقفت أمام الزعيم عادل إمام على شاشة السينما وعبر الدراما التلفزيونية معًا، وتنوعت أدوارها ما بين المرأة الصعيدية، وبنت البلد، وفتاة الشارع، ولم تحصر نفسها في (كاركترٍ) واحدٍ، وإن كانت ملامحها توحي دائمًا بمظهر (سيدة المجتمع) الذي جسدته في كثير من الأدوار والأعمال.
* تجاربها المسرحية لم تكن كثيرة، ولكنها كانت مختلفة؛ إذ تنوعت بين الكوميديا الغنية بالضحك والمضامين والدراما الاستعراضية، التي تجمع بين الموسيقى والرقص والسخرية، وتعتبر (أبو العربي) مع هاني رمزي من أبرز أعمالها المسرحية، كما أن (سيدتي أنا) التي قدمت فيها دور (ليزا) تعد عرضا مغايرًا من حيث الطرح والاقتباس والفكرة، في الوقت الذي جاءت فيه مشاركتها في مسرحية (الملك وأنا) لتكمل لوحة التنوع في مشوارها الفني بالاستعراض الساحر والأداء الآسر.
* يحسب للممثلة المصرية داليا البحيري التي كانت انطلاقتها عبر فيلم (علشان ربنا يحبك) أنها ترفض قبول أي دور من أجل التواجد والظهور، وترى أن غيابها- ولو طالت فترته- أفضل كثيرًا من المشاركة في دور لا يناسبها، أو عمل سينمائي أو درامي يخصم منها، وقناعتها بأن رسوخ الفنان بقيمة ما يقدمه من أعمال لا بحجم تواجده المستمر، وقبوله لكل الأدوار.
* يعد (حريم كريم) مع الفنان مصطفى قمر واحدًا من الأفلام التي شاركت فيها داليا البحيري، ووجد ذيوعًا كبيرًا، وحقق انتشارًا؛ ما دفع طاقم الفيلم للعودة بعد ثمانية عشر عامًا لتقديم جزء ثان غير معلن من قبل باسم (أولاد حريم كريم)، ويأتي العمل الثاني الذي أُنتج قبل حوالي ثلاثة أعوام إكمالًا للقصة الأصلية مع التركيز على جيل (الأبناء) في ظل استمرار الشخصيات الرئيسية بنفس روح الكوميديا المعجونة بالرومانسية، مع مراعاة أختلاف اللغة والأساليب والجرأة؛ عطفًا على اختلاف الأجيال وتباين الأعمار.
* أكثر ما يميزها أنها ممثلة تتكئ على وعي كبير، وثقافة ثرة، وسعة أفق يلحظها كل من يستمع لها في حوار تلفزيوني ناهيك عن الذي يجلس لمحاورتها، وأحسب أن الحوار الذي أجريته مع داليا لقناة البلد السودانية قبل أربعة أعوام كشف لي عن حصافتها، وفهمها العميق، وكان حديثها عن مشوارها وقضايا المشهد الفني ينم عن نضج كبير وطرح صادق وفكر مستنير.
* السؤال الذي يفرض نفسه الآن: يا ترى متى ستقطع داليا فترة البيات الشتوي وتعثر على النص الذي يعيدها من جديد للشاشات؛ فمقعدها شاغر، والواجب يتطلب التوازن النسبي بقبول بعض الأدوار (المقبولة نوعًا ما) لإنهاء فترة الغياب التي زادت عن الحد، فأمثال داليا البحيري ووجودها المستمر ضرورة قصوى وفراغ غيابها لا يسد.
نفس أخير
* لا يزال الشعرعاطلاً حتى تزينه الحكمة، ولا تزال الحكمة شاردة حتى يؤويها بيت من الشعر.
haythamcapo77@gmail.com
