البلاد (الخرطوم)
كشفت صحيفة واشنطن بوست، استنادًا إلى شهادات ميدانية وتقارير حقوقية، عن احتجاز قوات الدعم السريع آلاف المدنيين في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، بينهم نساء وأطفال، وإجبارهم تحت التعذيب على التواصل مع عائلاتهم للمطالبة بفِدًى مالية، قبل إعدام من يعجز عن الدفع، في واحدة من أخطر الانتهاكات التي يشهدها النزاع السوداني.
وفي تطور بالغ الخطورة، أعلن مدير مختبر البحوث الإنسانية في كلية الصحة العامة بجامعة ييل، ناثانيال ريموند، أن تقديرات فريقه تشير إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، مؤكدًا أن المختبر يستعد لإصدار تقرير يوثق ما لا يقل عن 140 موقعًا يُشتبه في كونها مقابر جماعية في محيط الفاشر، مع وجود دلائل على عمليات منظمة لإخفاء الأدلة.
وتأتي هذه المعطيات في وقت أعلنت فيه المملكة المتحدة فرض عقوبات على أربعة من كبار قادة قوات الدعم السريع، من بينهم عبد الرحيم حمدان دقلو، شقيق ونائب قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إضافة إلى قادة ميدانيين آخرين في شمال دارفور، بتهم تتعلق بالقتل الجماعي، والعنف الجنسي الممنهج، والاختطاف، واستهداف المدنيين.
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية، إيفيت كوبر، إن الفظائع المرتكبة في السودان “تمثل وصمة في ضمير العالم”، مؤكدة أن الأدلة على الإعدامات الجماعية، والتجويع، واستخدام الاغتصاب كسلاح حرب، “لن تمر دون محاسبة”. وشددت على أن العقوبات تستهدف مباشرة من “تلطخت أيديهم بالدماء”، بالتوازي مع تقديم دعم إنساني منقذ للحياة.
وبالتزامن، أعلنت لندن تعزيز استجابتها الإنسانية للأزمة السودانية عبر تخصيص 21 مليون جنيه إسترليني إضافية لتوفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية وحماية النساء والأطفال في المناطق الأكثر تضررًا، ليرتفع إجمالي التزاماتها هذا العام إلى 146 مليون جنيه إسترليني.
على الصعيد الإنساني، يواصل آلاف النازحين في ولايات عدة، بينها شمال كردفان، معاناتهم من نقص حاد في الغذاء والخدمات الصحية، وغياب التعليم، وسط ظروف مناخية قاسية داخل مراكز الإيواء، في وقت تستقبل فيه هذه المناطق موجات نزوح متواصلة من مناطق القتال.
ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قُتل عشرات الآلاف، ونزح نحو 12 مليون شخص داخل البلاد وخارجها، فيما تصف الأمم المتحدة الوضع في السودان بأنه “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، مع تصاعد التقارير عن مجازر ذات دوافع عرقية وجرائم اغتصاب واختطاف في دارفور، خاصة بعد تشديد الحصار على الفاشر، آخر معاقل الجيش في الإقليم.
عقوبات بريطانية تطال قياداته.. شهادات دولية توثق فظائع «الدعم السريع» بالفاشر
