يستبشر سكان الجزيرة العربية- قديمًا وحديثًا- بظهور النجم العملاق الساطع في السماء، المعروف باسم سهيل. فبظهوره يبدأ العد التنازلي لفصل الشتاء، إذ يبرد الماء، ويقصر النهار، وتطول الليالي، وتخضر الأشجار، وتتكون السحب، وتنخفض درجات الحرارة. ويُعزى ذلك إلى ما يُعرف بالانقلاب الصيفي في نصف الكرة الجنوبي، وما يترتب عليه من قدوم الشتاء في نصف الكرة الشمالي، نتيجة انتقال الشمس من مدار السرطان، الخط الوهمي الذي تتعامد عليه الشمس، نحو خط الاستواء، ثم إلى مدار الجدي، ما يؤدي إلى تغيّر الأجواء وتغير المواسم.
مع هذا التغير، تكثر الأمطار، وتبرد الأجواء حتى تصل إلى مرحلة الشتاء، ويعم الخير الأرض؛ بفضل الله ورحمته. ولذلك كان العرب منذ القدم ينتظرون ظهور نجم سهيل ويستبشرون به، مُغنين بطلته في أشعارهم الشعبية، ومن ذلك قولهم:
“هلا بطلتك يا نجم يا سهيل
ولولاك ما رحنا وجينا”
كما قالوا أيضًا:
“إذا طلع سهيل طاب الليل،
ولا تأمن السيل وتلمس التمر”
ويعد ظهور نجم سهيل في السماء بداية اهتمام الفلكيين والمتأملين بعلامات النجوم، في معرفة تقلبات الطقس ونزول الأمطار. لكن يجب التأكيد أن هذه الظواهر الطبيعية ليست سببًا بذاتها، فسبحان الله، مسبب الأسباب، رب المشرقين والمغربين، الذي بيده تدبير الكون كله.
ومهما بدت التأثيرات المناخية مرتبطة بالنجوم، فإن حقيقة الأمر أن المطر والخصوبة ونمو النباتات وتخضر الأرض وفصول السنة كلها بتقدير الله وإرادته وحده، وليست منقولة عن النجوم. فالأمطار والخيرات؛ تأتي بفضل الله ورحمته، وليس لأحد دخل في ذلك من النجوم أو الكواكب. وهذه مسألة يجب الانتباه إليها حتى لا نقع في ما يُحرَّم شرعًا، فالأسباب والأقدار جميعها بيد الله وحده، لا شريك له سبحانه وتعالى.
lewefe@
