* إن كان أرسطو يرى” أن لدى الناس منذ الطفولة غريزة التشخيص”، التي تُظهِر طبيعة الإنسان الفطرية للتمثيل، كما أن هناك ثمة إجماع بين الفلاسفة والمفكرين بأن الحياة مسرح ممتد؛ ما يُعزِّز قول شكسبير، فإن ذروة سنام العطاء تقع على كاهل الشباب متى ما أحسنا لهم التخطيط، ووفرنا لهم الفرص، وفتحنا لهم كوة ضوء تسطع عبرها شمس مواهبهم الفتية، التي تبشر بغد أفضل ومستقبل أنضر.
* كثيرة هي المهرجانات الفنية المتخصصة، وعديدة تلك التي تضع ديباجة مسرح الشباب على صدرها، ويصعب حصر الذين يتحدثون عن عملهم لإنصاف رجال الغد بينما الواقع يشير بجلاء إلى أنهم للأسف يتلاعبون بالمصطلحات، ويستهلكون الشعارات، ويلوكون الوعود، ويتاجرون بالأحلام، ويمصون رحيق الأفكار الناضجة باستغلالية شنيعة تعبث بالمستقبل، وتبيع للشباب الأوهام.
* إن كان هناك ثمة مهرجان متخصص في المسرح الشبابي بالعالم العربي يستحق منا الإشارة إليه ببنان الاحترام، فحتما هو مسرح شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، الذي انطلقت فعاليات دورته العاشرة أمس (الثلاثاء) برئاسة الفنان والمخرج مازن الغرباوي وسط مشاركة عربية ودولية.
* كل صاحب فعالية يرى نفسه “عالميًا”، وما أجتمع اثنان في تنظيم مهرجان إلا وزعما أن “الدولية” كانت ثالثتهم، بينما الوقائع على الأرض تعكس خلاف ما يروجون، ولكن المتأمل لمسيرة مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، يجد أن المهرجان الذي بلغ العاشرة من العمر متوجًا رحلته بالبرونزية يجسد مثالًا حيًا للتطورعامًا تلو الآخر؛ لذا فإنه مهرجان دولي (اسم على مسمى) من حيث التخطيط، والتنظيم، واتساع رقعة المشاركات، والمكرمين، وحتمًا أن جمهور المهرجان موعود في هذه الدورة، التي تختتم بشرم الشيخ في الثلاثين من شهر (نوفمبر) الجاري بعروض أربع عشرة دولة عربية وأجنبية.
* يحسب لإدارة المهرجان أنها تربط الشباب بالعمالقة، وتفتح لهم كتاب تاريخ المسرح الطويل للوقوف عنده، وهي تضع اسم سيدة المسرح العربي الراحلة المقيمة سميحة أيوب؛ كأيقونة تمثل قدوة للشباب، ورمزًا للتفاني، وعنوانًا للإجادة، وعلامة ذوق رفيع، و(براند) إبداع تتوارثه الأجيال، فالسيدة سميحة أيوب التي فارقت الدنيا قبل حوالي خمسة أشهر، تظل مصدر فخر لكل ممثل مؤمن بقضية الفن الداعية للحق والخير والجمال.
* منحت إلهام شاهين الفن خلاصة عمرها قبل موهبتها، وسكبت سنوات شبابها على الشاشات إبداعًا ما بين خشبة المسرح والسينما والتلفزيون؛ لذا لم يكن غريبًا على إدارة مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي أن تحتفي بمسيرتها وتنصف سيرتها، لتحمل الدورة العاشرة اسم إلهام شاهين التي قدمت مئات الأعمال الراسخة على مر التاريخ منذ بدأيتها الأولى في (حورية من المريخ) .
* ما أجمل أن يمنح مازن الغرباوي والمدير التنفيذي إنجي البستاوي ورئيس اللجنة العليا المنتج هشام سليمان ورفاقهم درع سميحة أيوب للمخضرمة يسرا، والفنان هاني رمزي، ولعدد من المبدعين على رأسهم المخرج العالمي الفرنسي ديفيد هارولد.
* ليس غريبًا التميز على مهرجان عرابه شاب خلاق كمازن الغرباوي يفكر خارج الصندوق، ويتكئ على إرادة لا تفتر، وطموح بلا سقف، وعزيمة تقهر المستحيل، ويستعين بطاقم يقفز فوق الأسلاك الشائكة، ويعرف أن كلمة السر في تذليل الصعوبات والتدقيق وإيجاد الحلول ونسف العقبات.
* كل المعطيات تشير بوضوح إلى أن مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، الذي ولد بضرس عقله قد أضحى قبلة لأهل الفن، ومنفذًا للشباب، ومنصة للإبداع، ورحلة عامرة بالتميز والاختلاف والتفرد والإبداع.
نفس أخير
* إذا تعلق قلب (مهرجان) بالثريا لنالها.
haythamcapo77@gmail.com
