مقالات الكتاب

عمار يا دمشق من غير إيكوشار

كثر الحديث عن الإعمار وإعادة الإعمار في سوريا، وكثر التغني (بالحب بدنا نعمرها، وما عاش يلي يزعلها) وبدأت الناس تحلم بسورية الجديدة، التي تشبه سورية الحضارة والتاريخ والماضي المجيد، وكلهم أمل أن يتحسن الواقع الميداني على الأرض ويتحقق الاستقرار الاجتماعي في البلاد، وتتم التوافقات بين جميع المكونات، ويمتلئ صندوق التنمية السوري بالمليارات؛ من أجل دعم الاقتصاد الوطني، والصرف منه على مشاريع إعادة الإعمار.
ومع نسائم الخير التي ستهب على سورية- بإذن الله، وهو الأمل والمأمول. تنتابني بعض الأسئلة والمطالب المحقة التي لا بد من ذكرها والتذكير بها حول مدينة دمشق، التي ملأت الدنيا وشغلت الناس. ألا تستحق دمشق وكافة المدن والبلدات المدمرة أن يعاد بناؤها على أساس متين وتخطيط سليم في الهندسة والإنشاء. هل يصح أن يستعان بمهندسً معماري من خارج الحدود مثل إيكوشار الفرنسي، الذي خطط لهذه المدينة في السابق؛ فألغى عمقها التاريخي بهدف الحداثة والتطوير، هل سيتم المحافظة على ما تبقى فيها من آثار ومواقع تمتد جذورها إلى الحضارات الآرامية والرومانية والبيزنطية والدولة الإسلامية ، وسجلت على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، هل سيسمح بالزحف العمراني الجائر أن يمتد فيأكل ما تبقى فيها من مساحة خضراء يلوث البيئة ويشوه البصر، وهي المدينة التي تميزت ببساتينها وسواقيها ومروجها الغناء، هل ستدب الحياة في نهر بردى وفروعه السبعة، بعد أن جف وصار أثراً بعد عين؛ نتيجة لقلة هطول الأمطار والثلوج وسوء إدارة السياسات المائية، هل سيتم تحسين الواقع الخدمي والمعيشي في كافة المدن والأرياف السورية؛ فيخف الضغط السكاني عن العاصمة دمشق، هل سيعود إلى دمشق ألقها وتألقها في الصناعات اليدوية المشهورة بها كالبروكار والأغباني والموزاييك والخزف والزجاج المعشق وغيرها الكثير، هل سنرى نهضة عمرانية آية في الجمال وفخامة في التصاميم، كالتي شيدت في العهد المملوكي بعد هزيمة التتار الذين عاثوا في البلاد فساداً وقتلا وتنكيلاً، هل بالإمكان الأخذ بالتجربة اليابانية الناجحة في الاستثمار بالرأسمال البشري، وتبني مفاهيم القيم الثقافية من تعاون وانضباط، وتطبيق لمعايير الكايزن (التحسن المستمر) وموتاي ناي (عدم الهدر) كنموذج فريد في إدارة الموارد والإنتاج.
يا شام يا شامة الدنيا ووردتها، دمشق يا مدينة الياسمين وعبق الزمان، دمشق يا جبل قاسيون والقلعة والأموي والمريمية وكنيسة القديس حنانيا، دمشق المكتبة الظاهرية وسوق الحمدية والأبواب السبعة، دمشق الخير الوفير والظل الطليل، دمشق يا حضناً دافئاً لكل وافد ويا أماناً لكل لاجئ، دمشق يا لوحة فسيفسائية من جميع الألوان، والطوائف والأعراق.. كوني بخير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *