مقالات الكتاب

كاراغار وعقدة حارس البوابة

كانوا يتحدثون في برنامج The Overlap عن سخافة نزال أنثوني جوشوا، وجيك بول، وعن احتمالات أن يكون هذا النزال مرتبًا؛ لأنه إن لم يكن مرتبًا؛ فإن جوشوا سيدمر بول (وهذا رأيي الشخصي أيضًا) وضربوا مثالًا بنزال بول أمام تايسون، ولكن شدتني عبارة مررها المهووس كاراغار (سأتفهم إذا كان النزال مرتبًا لأجل المال، كما يحصل في حال انتقال اللاعبين إلى السعودية) وهنا توقفت عن حالة الهوس، التي يعاني منها كثير من الإنجليز، وحالة التحيّز التي يعيشها كاراغر؟
يمكن وصفها بأنها تحيّز إدراكي- ثقافي نابع من صراع بين منظومة غرور إنجليزي بشكل كبير وليس كرويًا قديمة تعوّدت على احتكار التأثير وبين مشروع جديد يكسر ثوابت السوق، وهي نظرة تتغلغل في صميم الفكر الإنجليزي، وليفربول المدينة التي يأتي منها كاراغار لديها تاريخ كبير إلى يومنا الحاضر؛ حيث لا يرون أنفسهم جزءًا من إنجلترا أصلًا.
كاراغر يعيش حالة تحيّز متجذّرة تجاه المشروع السعودي، تحيّز لا يرتبط بمعايير كرة القدم بقدر ما يرتبط بالخوف من فقدان المركزية التاريخية للدوري الإنجليزي، وهو ما يجعله يقرأ كل تطور سعودي بعدسة الخطر، لا الواقع”. واستخدامه لمثال حالة نزال جوشوا وبول، لتمرير ما قاله يمكن تفسيره بالتحيّز التأكيدي؛ حيث يميل الشخص للبحث عن الأدلة التي تثبت معتقداته السابقة، ويتجاهل ما يناقضها ليضع نفسه (كما يفعل الكثير من الغرب) أنفسهم كحراس للبوابة تحت مظلة “عقدة حارس البوابة” (Gatekeeping Anxiety ) وهي موجودة عند الإعلاميين والرموز القديمة في الصناعات، التي تواجه صعود منافس جديد، وهي تشبه رغبة”حارس البوابة” في أن يبقى المتحكم الوحيد في السرد وتوجيه الرأي العام، وهذا الأمر يظهر عندما يرى الشخص الذي يرى مركز قوته يتحوّل إلى طرف آخر.
جورج برنارد شو يقول:”الأشخاص الذين يرفضون تغيير قناعاتهم يصبحون عاجزين عن فهم العالم الجديد… وكاراغر مثال لذلك، وما كان يعتبره كاراغر مجرد”فكرة صعبة الحدوث” أصبح اليوم واقعًا (دوري قوي – استثمارات – نجوم)، وهو ما يزعج النموذج الإنجليزي التقليدي، وما يفعله كاراغر ليس نقدًا مهنيًا بقدر ماهو تعبير عن صراع داخلي مع تحوّل مركز القوة الكروية، فهو يقرأ المشروع السعودي بعيون الماضي، ويقع في فخ التحيّز التأكيدي والقلق من تهديد المكانة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *