مقالات الكتاب

انتشار ظاهرة الاحتيال المالي

ظاهرة الاحتيال المالي أصبحت من القضايا العالمية المتفاقمة خلال السنوات الأخيرة، مع توسّع الخدمات الرقمية وزيادة التعاملات عبر الإنترنت. ومن أهم أسباب انتشارها التحول الرقمي السريع، والاعتماد المتزايد على التطبيقات البنكية، الدفع الإلكتروني، التسوق عبر الإنترنت، وقلة الوعي الأمني لدى المستخدمين؛ مثل مشاركة البيانات البنكية، أو الضغط على روابط مجهولة.
وأصبحت هناك تقنيات جديدة للمحتالين؛ من بينها الذكاء الاصطناعي ومحاكاة أصوات موظفي البنوك، وبرامج اختراق متطورة، فضلاً عن وسائل تواصل سهلة بينهم من واتساب، والبريد الإلكتروني، والاتصالات المجهولة، والمواقع الوهمية. في وقت تعاني بعض الدول من الهشاشة التنظيمية أو ضعف الرقابة.
ومن أكثر أساليب انتشار الاحتيال المالي؛ الاحتيال عبر الرسائل النصية أو الواتساب، ورسائل تزعم وجود تحديث للبطاقة البنكية أو تعليق حسابك، وروابط وهمية البنوك أو شركات التوصيل، إضافة إلى انتحال صفة موظف بنك، واتصال مقنع يخبرك بوجود مشكلة في حسابك ويطلب رمز التحقق.
وكثير من المحتالين يركزون على “الاستثمار الوهمي”، إذ تعرض منصات تعرض أرباحًا مبالغ فيها أو سريعة (تداول، عقارات، عملات رقمية). أضف إلى ذلك الاحتيال عبر المتاجر الإلكترونية، وهي مواقع وهمية تقدم تخفيضات كبيرة ثم تختفي بعد الدفع.
أما الاحتيال الوظيفي فيتمثل في إعلان وظائف وهمية يطلب تحويل “رسوم تسجيل” أو “فتح ملف”، بينما أسلوب الهندسة الاجتماعية يعتمد على خداع الضحية نفسياً للحصول على معلومات حساسة.
ومن آثار الاحتيال المالي خسائر مالية مباشرة، وتهديد ثقة الناس في البنوك والتقنيات الرقمية، يتبع ذلك أضرار نفسية (توتر، فقدان ثقة، إحراج)، واستخدام الأموال في جرائم أخرى (غسيل أموال، تمويل نشاطات غير قانونية).
ولكي حمي الشخص نفسه من الاحتيال المالي؛ عليه عدم مشاركة أي بيانات حساسة مثل (كلمة المرور، وأرقام البطاقات، ورمز التحقق، أو رقم الحساب)، وعدم الضغط على الروابط غير الموثوقة، والتأكيد من الموقع الرسمي قبل الدفع أو الشراء، والتواصل المباشر مع البنك عبر الرقم الرسمي إذا جاء اتصال مشبوه، وتفعيل التحقق الثنائي، وتجاهل العروض والأرباح غير الواقعية، وتحديث برامج الحماية على الهاتف والجهاز.
وعموماً يمثل الاحتيال المالي تحديًا كبيرًا في عصر تتسارع فيه المعاملات الرقمية، وتتوسع فيه طرق الخداع. ولأن تأثيره لا يقتصر على الخسائر المادية فقط، بل يمتد ليهدد الثقة في المؤسسات المالية والمعاملات اليومية، فإن الوعي والتثقيف يبقيان خط الدفاع الأول. إن تعزيز الحيطة، والتحقق من مصادر المعلومات، والالتزام بإجراءات الأمان، كلها خطوات ضرورية للوقاية من الوقوع ضحية لهذا النوع من الجرائم. وبالمعرفة واليقظة يمكننا مواجهة الاحتيال المالي، وحماية مجتمعاتنا واقتصاداتنا من مخاطره.

drsalem30267810@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *