مقالات الكتاب

المستفيد من غياب الأفريقي

بطولة كأس أمم أفريقيا على عتبة الانطلاق خلال أيام، ومعها يبدأ العدّ التنازلي لمرحلة حسّاسة في مسار دوري روشن السعودي؛ إذ ستُلقي هذه البطولة القارية بظلالها الثقيلة على عدد من الأندية، خصوصاً التي تعتمد بشكل أساسي على لاعبين أفارقة، يشكّلون العمود الفني لتشكيلتها. وبين متضررٍ ينتظر حلولاً سريعة، ومنافس قد يجد فجوة يناور منها ليعزز موقعه في جدول الترتيب، تبدو الأسابيع المقبلة حاسمة في رسم ملامح الصراع على القمة والنجاة من القاع.
تظهر المؤشرات الأولية أن الأهلي والهلال هما الأكثر تأثراً بغياب لاعبيهم الأفارقة؛ إذ يعتمد الفريقان على عناصر أساسية تلعب دوراً محورياً في توازن المنظومة. الأهلي الذي استعاد شخصيته، وفاجأ الجميع بفوزه الثمين على الاتحاد دخل دائرة المنافسة بقوة، وبات يمتلك فرصة ذهبية للاستمرار في سباق الصدارة. ورغم ذلك، فإن غياب لاعبيه في هذه المرحلة؛ قد يربك حساباته في مراكز حساسة داخل المستطيل الأخضر، فالانسجام الذي بناه الفريق خلال الجولات الماضية قد يتعرض للاهتزاز، ما لم يتمكن الجهاز الفني من خلق حلول تكتيكية مناسبة تعوّض النقص، وتُبقي الفريق في دائرة المنافسة.
أما الهلال، الذي يعيش موسماً مستقراً، ويمتلك قائمة عريضة، فسيظل متضرراً أيضاً من غياب أعمدته الإفريقية، خاصةً في ظل ضغط المباريات وتلاحم الاستحقاقات. فالهلال فريق ينافس على كل بطولة، وأي نقص في صفوفه قد يفتح الباب أمام منافسيه لتقليص الفارق، أو الاقتراب أكثر من مراكز المقدمة، ما يجعل فترة كأس إفريقيا اختباراً لقدرة الفريق على إدارة الأزمات الفنية دون أن يتأثر مساره العام.
في المقابل، يدخل النصر هذه المرحلة وهو الأقل تضرراً بين الفرق الكبرى؛ إذ يغيب عنه لاعب أفريقي واحد فقط، ورغم أهمية أي عنصر أجنبي في منظومة الفريق، إلا أن تعويضه يبدو أسهل مقارنة بالتأثير الذي ستشهده الفرق الأخرى. ويمتلك النصر بدائل جاهزة، وقد يعيد هذا الغياب البسيط توزيع الأدوار، ويمنح لاعبين آخرين فرصة للتألق، وتثبيت أقدامهم في التشكيلة.
اللافت أن الفرق التي ستعاني من غياب لاعبيها ستجد نفسها أيضاً في مواجهة النصر خلال فترة البطولة، ما يمنح أصفر الرياض فرصة مثالية لخطف نقاط ثمينة. وهذه المباريات عادة تُوصف بـ”مباريات الست نقاط”، لأنها تجمع بين منافسين مباشرين في القمة؛ الفوز فيها لا يعني إضافة ثلاث نقاط فقط، بل يوازيه تجريد الخصم من ثلاث نقاط أخرى، ما يجعل تأثيرها مضاعفاً على جدول الترتيب، ويمنح النصر أفضلية تنافسية خلال هذه الفترة.
وعند النظر إلى المشهد الكامل للدوري، يتضح أن المنافسة هذا الموسم ليست محصورة بين الهلال والنصر- كما جرت العادة؛ فالأهلي عاد بقوة بعد انتصاره في ديربي جدة، ويدخل الأسابيع المقبلة بطموحات كبيرة، بينما يواصل التعاون مشواره بثبات، ويظهر القادسية كفريق يعرف كيف يقتنص النقاط من الكبار. ومع دخول كأس إفريقيا على الخط، سيصبح المشهد أكثر تقلباً، فالفرق الأكثر قدرة على التعامل مع غياب نجومها ستواصل طريقها في الصدارة، بينما ستتراجع الفرق التي تعجز عن إيجاد البدائل والحلول.
وبناءً على ذلك، تبدو الفترة المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات، مع ترجيح أن يكون النصر هو المستفيد الأكبر من هذا الظرف الاستثنائي، بينما سيحتاج الأهلي والهلال إلى مضاعفة الجهد للحفاظ على موقعهما في خارطة المنافسة، في وقتٍ قد يتيح للتعاون والقادسية فرصة التقدم إذا أحسنا استغلال غياب المنافسين خلال هذه المرحلة المفصلية من عمر الموسم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *